أوصت لجنة الشؤون المالية في مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي بربط إنتاج الكويت من النفط الخام بكمية الاحتياط النفطي المؤكد من ضمن توجه إستراتيجي لحماية الأجيال المقبلة أولاً، وفي محاولة جادة لإيجاد بديل عن النفط كمصدر وحيد للدخل المالي ثانياً، بعد أكثر من 50 سنة من اعتماد الكويت شبه المطلق على إنتاج النفط وتصديره. وشددت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية على وجوب معرفة كمية الاحتياط النفطي المؤكد بهدف المحافظة على الثروة النفطية وضمان حسن استغلالها على اعتبار، أن النفط هو المصدر الرئيس والوحيد للأموال العامة ومن ثم رسم سياسة للإنتاج النفطي تتفق مع مبدأ المحافظة على الثروة النفطية بكل ثقة. ويكمن صلب المشكلة في وجود شكوك تساور الكويت حول الكمية أو الرقم الحقيقي للاحتياط النفطي المؤكد. وبدأت المشكلة الحقيقة مع الاحتياط النفطي مطلع الثمانينات عندما ضاعفت دول «أوبك» من دون استثناء تقديراتها لاحتياطاتها النفطية من دون دليل واقعي ملموس على وجود اكتشافات مؤكدة. وفي خلال السنين ال 10 الماضية، زادت دول «أوبك» مرة أخرى رقم احتياطاتها من النفط الخام وبأكثر 120 بليون برميل، توزعت أساساً بين إيران والعراق وأنغولا ونيجيريا، في حين زادت فنزويلا رقم احتياطاتها أربعة أضعاف لتشمل النفط الرملي الذي أصبح من الصعب جداً استخراجه. ومما زاد من تخوف الكويت تأكيد «بي آي دبليو»، وهي نشرة نفطية أسبوعية متخصصة، عام 2004، أن الاحتياط النفطي المؤكد للدولة لا يتجاوز 48 بليون برميل، أي ما يعادل 48 سنة من النفط، على افتراض أن الكويت تنتج سنوياً نحو بليون برميل. و لهذا السبب، قررت اللجنة المالية والاقتصادية التأكد من موجودات النفط في باطن الأرض بدلاً من التخمينات والمبالغة حماية للأجيال المقبلة، وتجنباً للتسرع في زيادة إنتاج النفط من دون ضوابط. ولذلك تقدمت اللجنة باقتراح المحافظة على الثروة النفطية وحسن استغلالها، ومن أهم المقترحات الإصرار على التأكد من احتساب الاحتياط النفطي المتبقي ومن ثم تحديد معدلات الإنتاج حالياً ومستقبلاً وفقاً له. وتعتبَر عملية تحديد إنتاج النفط الخام سهلة ويمكن أن تراجَع دورياً وأن تحتسَب بنسبة مئوية فلا يتجاوز متوسط الإنتاج السنوي الفعلي للسنتين الماليتين 2008–2009 و2009–2010 مقسوماً على إجمالي الاحتياط النفطي المؤكد من الحقول النفطية في الكويت كلها، شاملة الحقول النفطية الحدودية المشتركة مع السعودية في كل من الخفي والوفرة. ويبلغ هذا الإجمالي 99 بليون برميل. وعليه سيحدَّد سقف الإنتاج بضرب النسبة المحتسبة بإجمالي الاحتياط النفطي المؤكد. سيرسم ربط معدلات الإنتاج من النفط الخام الكويتي بالاحتياط خريطة واضحة للمستقبل لا تكتنفها شكوك، ما يسمح بتكييف معدلات الإنتاج مع الاحتياط الإجمالي بدلاً من استنزاف الأخير في فترة قصيرة. إن الحفاظ على الثروة النفطية واجب قومي ووطني ويجب تشجيع توصية لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الكويتي بالحفاظ على الثروة النفطية ولأطول فترة ممكنة. ومن المؤكد أن دولاً نفطية أخرى ستحذو حذو الكويت، فالثروة النفطية مللك الجميع، أي الجيل الحالي وأجيال المستقبل، وحمايتها أمانة ومسؤولية لدى الجميع. * كاتب متخصص في شؤون الطاقة - الكويت