أرجأ مجلس الوزراء اللبناني في جلسته مساء أول من أمس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان استكمال تشكيل «هيئة الأسواق المالية» بناء لطلب وزير المال محمد الصفدي الذي ارتأى أن يسحب أثناء انعقاد الجلسة البند المتعلق بتعيين ثلاثة ممثلين عن جمعية المصارف وبورصة بيروت والخبراء في الشؤون المالية. وعلى رغم أن الصفدي لم يشرح أسباب طلبه من المجلس صرف النظر موقتاً عن تعيين ممثل عن الهيئات الثلاث في هيئة الأسواق المالية، مع أنه كان رشح مروان نصولي عن جمعية المصارف وفراس صفي الدين عن بورصة بيروت وشادي كرم عن الخبراء في الشؤون المالية، علمت «الحياة» من مصادر وزارية أن مشاورات جرت قبل دقائق من الجلسة انتهت إلى التوافق على تأجيل استكمال تعيين بقية الأعضاء في هيئة الأسواق المالية التي يرأسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتضم اضافة إلى ممثلين عن الهيئات الثلاث المديرين العامين لوزارتي المال والاقتصاد، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف أو من ينوب عنهم. وكشفت المصادر أن سبب التأجيل يكمن في الإخلال في التوازن الطائفي الذي لقي اعتراضاً من وزراء «جبهة النضال الوطني» برئاسة وليد جنبلاط، ووزراء آخرين خصوصاً أن الخلل لم يكن محصوراً بعدم وجود درزي في هيئة الأسواق المالية فحسب وإنما لتغييب تمثيل الأرثوذكس فيها، اضافة إلى الاعتراض على الطريقة التي اتبعت في ترشيح ممثلين عن جمعية المصارف وبورصة بيروت والخبراء الماليين. وتوقعت المصادر الوزارية أن يعاد النظر في الترشيحات لهذه المؤسسات الثلاث وأن يأتي الوزير بمرشحين جدد وأن يراعي التوازن الطائفي. كما أن سحب البند المتعلق بترشيحهم جاء لتفادي إقحام المجلس في مشكلة جديدة تضاف إلى المشكلات التي لا زالت عالقة وأبرزها استمرار الاختلاف على تصحيح الأجور. أما في شأن التشكيلات والتعيينات الديبلوماسية في ملك وزارة الخارجية والمغتربين، فأكدت المصادر أن الوزير عدنان منصور عدل في اللحظة الأخيرة عن إدراجها على جدول أعمال الجلسة رغم انه كان اقترح مجموعة أسماء من السفراء لمنصبي الأمين العام للخارجية ومدير الشؤون السياسية فيها. ولفتت المصادر إلى أن ترحيل التشكيلات والتعيينات الديبلوماسية إلى جلسة لاحقة لمجلس الوزراء لا يعود إلى رغبة الوزير منصور في التقدم باقتراح يقضي بإدراجها في سلة واحدة بدلاً من أن تصدر على دفعات وإنما لتصحيح الخلل الناجم عن المساواة بين الديبلوماسيين الذين هم في الأساس في ملاك الخارجية والملحقين الاغترابيين الذين ألحقوا بالخارجية بعد إلغاء الفصل بين الأخيرة ووزارة المغتربين. وقالت المصادر إن مجلسي الخدمة المدنية وشورى الدولة يقترحان أن تعطى الأفضلية في التصنيف للديبلوماسيين على أن ينظر لاحقاً في أمر الملحقين الاغترابيين، بينما يقترح البعض في الحكومة إنجاز التشكيلات والتعيينات أولاً، على أن يتم التصنيف لاحقاً. وأكدت أن الوزير منصور يحبذ تصنيف الديبلوماسيين أولاً ومن ثم الملحقين الاغترابيين لأن إصدار التشكيلات من دون اعتماد مبدأ أفضلية التصنيف سيؤدي إلى شغور الخارجية من موظفي الفئة الثانية بينما يتوزع الباقون على الفئتين الأولى والثالثة. وأوضحت المصادر أن إنجاز التشكيلات والتعيينات من دون أن يسبقها مبدأ التصنيف سيؤدي إلى إحداث خلل ولا سيما انه لن يبقي ديبلوماسيين في الفئة الثانية سوى أولئك الذين تم تجميد ترفيعهم إلى الفئة الأولى لوجود ملفات خاصة بهم في جهاز التفتيش التابع للخارجية (من مسلكية وغيرها) تستدعي التريث في ترفيعهم. وعزت المصادر سبب إعطاء الأولوية لتصنيف الديبلوماسيين إلى أنهم عينوا بموجب مباراة دخول وألحقوا بدورات تدريبية بينما ألحق الملحقون الاغترابيون بوزارة الخارجية بعد إعادة دمج وزارة المغتربين بها، من دون خضوعهم للتدريب الذي يخضع له الديبلوماسيون في المعهد الديبلوماسي. إلا أن المصادر عينها كشفت عن سببين آخرين لتأخير إصدار التشكيلات والتعيينات الديبلوماسية مع أن الشواغر في سفارات لبنان في الخارج ازدادت في الآونة الأخيرة. وقالت إن الأول يكمن في أن عدد السفراء المقترحين من خارج ملاك وزارة الخارجية يؤدي إلى تأخير ترقية سفراء في الملاك إلى الفئة الأولى علماً أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يقترح تعيين سفراء من خارج ملاك الخارجية على أن يعود لخلفه طلب إنهاء انتدابهم أو التجديد لهم. وأوضحت المصادر أن لا اعتراض على حق الرئيس سليمان في اقتراح أسماء سفراء من خارج الملاك لكن بعض الأطراف يضغط من أجل معاملتها بالمثل نظراً للوعود التي قطعتها لعدد من الشخصيات. أما السبب الثاني فيتعلق بالاختلاف على أسماء المرشحين في ظل إصرار رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على أن يكون له الحصة الكبرى في سلة التعيينات الخاصة بالمسيحيين وهو يقترح كما قالت المصادر أن يعين سفيرين في دولتين أوروبيتين أساسيتين إضافة إلى مرشحين آخرين. كما أوضحت أن عون لا يريد فقط أن يسجل من خلال التشكيلات والتعيينات الديبلوماسية انتصاراً على منافسيه في الشارع المسيحي، بل يطمح أيضاً إلى تقليص حصة رئيس الجمهورية في هذه التشكيلات.