لم تحدث التشكيلات والمناقلات الديبلوماسية وتعيين أعضاء هيئة إدارة قطاع البترول صدمة إيجابية في الرأي العام اللبناني بمستوى توافق الأطراف السياسيين المشاركين في الحكومة على ضرورة تفعيلها، رداً مباشراً على مطالبة قوى 14 آذار برحيلها، لأن طابع المحاصصة غلب عليها وتقاسمها أصحاب النفوذ في الأكثرية التي تتشكل منها حكومة الرئيس نجيب ميقات، ما دفع وزراء «جبهة النضال الوطني» النيابية بزعامة وليد جنبلاط إلى تسجيل تحفظهم عن لائحة التشكيلات الديبلوماسية التي ضمت «جوائز ترضية» لقوى سياسية تمثلت في تعيين خمسة سفراء من خارج الملاك على رغم أنه جرت العادة على حصرها برئيس الجمهورية. وأجمعت مصادر وزارية وأخرى نيابية على أن التعيينات التي شملت هيئة إدارة قطاع البترول جاءت أشبه ما يكون بمجلس ملّي سداسي لتدحض الذرائع التي حالت دون الإسراع في توفير الظروف المناسبة لولادتها قبل أشهر عدة، طالما أن الأسماء لم تحمل أية مفاجأة، وأن سبب تأخيرها يكمن في انضاج الاتفاق حول بعض الأعضاء فيها وبالتالي كانت معظم القوى المشاركة في الحكومة في غنى عن التأزم الذي عصف بهذه الحكومة، لا سيما أن الأسماء التي عينت جاءت بمثابة نسخة طبق الأصل عن تلك التي تم التداول بها منذ فترة زمنية ليست بقصيرة. ولفتت إلى أن الانتماء السياسي كان المعيار الأبرز الذي اتسمت به التعيينات في هيئة إدارة قطاع البترول وقالت إن سبب تأخير إصدارها لم يكن إصرار هذا الفريق أو ذاك على تعيين الأكفياء فيها، وإنما كانت هناك ضرورة للتريث لفسح المجال أمام فرقاء من لون طائفي وسياسي معين للاتفاق على مرشح واحد وهذا ما حصل وأدى إلى «الإفراج» الفوري عن التعيينات. وأكدت أن تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة تلفزيون لبنان يمر حالياً في سيناريو مماثل للذي اتبع في إصدار تعيينات إدارة قطاع النفط وأن البحث في أسماء المرشحين يخضع حالياً لتجاذبات سياسية يفترض أن تؤدي إلى التوافق على لائحة موحدة للمرشحين يصار إلى إصدارها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء... وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية أن العقبة الرئيسة التي تؤخر إصدار التعيينات في مجلس إدارة تلفزيون لبنان تتعلق باشتداد المنافسة على منصب رئيس مجلس الإدارة - المدير العام - على خلفية أن بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام بعث أخيراً برسالة إلى من يعنيهم الأمر يعلمهم فيها بأن الطائفة تتمسك بأن يكون من حصتها وبالتالي هناك ضرورة لتكريس هذا المنصب ليبقى من نصيبها خلفاً لرئيس مجلس الإدارة الحالي إبراهيم خوري. وأكدت المصادر أن لحام اقترح في رسالته تعيين عميد كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية جورج كلاس لهذا المنصب في مقابل اقتراحين الأول يميل إلى تبني اختيار طلال مقدسي والثاني يدعم ترشح كميل منسى. وأوضحت المصادر نفسها أن هناك اعتراضات تجعل تعيين كلاس صعباً وأن المنافسة تدور حالياً بين منسى ومقدسي الذي تقدم من المعنيين بدراسة مستفيضة تعهد فيها النهوض بتلفزيون لبنان من كبوته وتعويمه مالياً بتوفير الدعم المطلوب لإعادته إلى خريطة المنافسة في الإعلام المرئي. وكشفت أن مقدسي يعتمد في دراسته على قدرته على إنعاش الإعلانات في تلفزيون لبنان وتوفير موارد مالية إضافية تضم إلى الموازنة السنوية المقترحة له والتي تقدر بعشرين بليون ليرة. وقالت إن ما تقدم به مقدسي لا يقلل من دور منسى الخبير في مجال الإعلام المرئي وقدرته على إعادة الاعتبار للتلفزيون الرسمي الذي يفتقد حتى الساعة خطة مدروسة ويعتمد على الارتجال الذي أفقده جمهوره الذي أصيب بإحباط بسبب المحسوبيات في التعيينات. ورأت أن مشكلة تلفزيون لبنان لا تعود فقط إلى وضعه المالي المتأرجح وإنما إلى عدم وجود خطة رسمية لتطويره والاعتماد على المحاسيب وزرعهم في هذه المؤسسة العريقة التي تفتقد رعاية الدولة والمبادرات الفردية التي تعيدها لاحتلال مركز متقدم في التنافس الدائر بين المحطات غير الرسمية. بعد أن تراجع ترتيبها إلى الصفر. وكشفت أن إعادة تلفزيون لبنان إلى مربع المنافسة في الإعلام المرئي يستدعي أولاً الترفع عن اعتماد المحسوبيات في التعيين والمجيء بمن لديهم خبرة في هذا المجال، وقالت إن هناك حاجة ضرورية لتعيين مجلس إدارة منسجم ولديه القدرة على تطويره بدلاً من تعيين من يسعى من خلال منصبه إلى تبييض صفحته لدى من عينه وذلك بحصر اهتمامه في تسليط الضوء على نشاطه السياسي. ولفتت المصادر الوزارية إلى ضرورة الفصل بين رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان ومديره العام شرط أن يعاد النظر أولاً في الصلاحيات حتى لا يبقى الأول طليق اليد في اتخاذ القرار ورسم سياسته. وقالت إن التعيينات يجب أن تنطلق من اختيار فريق عمل متكامل يعكف على إعداد دراسة موضوعية بعيدة عن «البهورة» أو «الطموحات» غير القابلة للتنفيذ ولا تمت إلى واقع الحال. وذكرت أن المداولات الجارية في شأن لائحة المرشحين يمكن أن ترسو على تعيين ثلاثة مذيعين بين حالي وسابق هم عرفات حجازي (شيعي) ونزيه الأحدب (سنّي) وسنا نصر (أرثوذكسية)، وهي تعمل في مجال الإذاعة وتقدم سحب أرقام اللوتو على قناة ال «إل بي سي». ومع أن مصادر جزمت بأن هذه الأسماء نهائية وتحظى بتأييد مرجعياتها، فإن مصادر أخرى لم تستبعد احتمال إعادة النظر في بعضها على رغم أن حجازي مدعوم من «حزب الله» وحركة «أمل» وأن الأحدب يحظى بتأييد رئيس الحكومة. وتوقعت هذه المصادر احتمال استبدال الصحافية شذى عمر بالأحدب على أن يرشح الصحافي رفيق شلالا لما لديه من خبرة مهنية لمنصب المدير العام، إضافة إلى تعيين مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس تحرير جريدة «الأنباء» الناطقة باسمه رامي الريس عضواً في مجلس الإدارة. وعليه، فإن إدراج التعيينات في مجلس إدارة تلفزيون لبنان على جدول أعمال الجلسة المقبلة يتوقف على ما ستتوصل إليه جوجلة بعض أسماء المرشحين فيما لم يحسم حتى الساعة الموقف من ملف تعيين المحافظين الجدد في محافظات بيروت وجبل لبنان والجنوب وبعلبك - الهرمل وعكار بعدما تقرر عدم تغيير المحافظين الحاليين وهم القاضي أنطوان سليمان (زحلة - البقاع الغربي)، ناصيف قالوش (طرابلس والشمال) القاضي محمود المولى (النبطية). وتؤكد المصادر الوزارية أن لا مشكلة تواجه تعيين القاضي زياد شبيب محافظاً لبيروت، وأن المنافسة على جبل لبنان محصورة بلائحة من ثلاثة أسماء هم محمد أمين كشلي، حسن فليفل وأحمد الحلبي، بينما يخضع تعيين محافظ جديد للجنوب لتوافق جنبلاط والنائب طلال أرسلان الذي يتمسك بترشيح قريبه مالك أرسلان في مقابل ترشح أسماء درزية أخرى. وبالنسبة إلى محافظتي عكار وبعلبك - الهرمل فإن الأول سيكون من نصيب الأقليات المسيحية بعدما صرف النظر عن احتمال اختيار أرمني لهذا المنصب، بينما يتوقف اختيار الثاني من الطائفة العلوية على إمكان التوافق على مرشح من خارج الملاك لعدم وجود آخر من موظفي القطاع العام.