بشرنا مدير إدارة التجهيزات في أمانة جدة أنه سيتم إنشاء مقبرة طوارئ لدفن موتى الكوارث تستوعب نحو سبعة آلاف شخص. تأكدت الآن أننا محسودون على مسؤولين لديهم حلول ممتازة وسريعة للكوارث، التي لا يعلم أحد سببها إلا عالم الغيب والشهادة، فلا تحاولوا البحث عن سبب فكلها قضاء وقدر، اللهم لا اعتراض. هنا أقول اطمئنوا يا سكان جدة، فلا مشكلات ستواجه الضحايا، فهم سيجدون مكاناً شاغراً في المقابر بلا عناء ولا هم، مباشرة من موقع الكارثة إلى المقبرة من دون المرور بأية جهة أخرى، ولا يخفى على أحد ما في هذا المشروع من حفاظ على وقت المتوفى وأسرته، كما أنه لا يشغل أقاربه الأحياء بالبحث عن مقبرة. فكر المسؤولون، ثم أعادوا التفكير مرة بعد أخرى، وأخيراً تفضلوا بإنشاء مقبرة جماعية لدفن ضحايا الكوارث المتتالية في جدة من سيول وحرائق إلى غيرها من الكوارث الأخرى، وبدلاً من التحقيق في أسباب موتهم، والحرص على عدم وقوع ذلك مرة أخرى بعد مشيئة الله عز وجل، يأتي مسؤول أو مسؤولين عدة ليضيعوا الجهود في أمور ثانوية، خصوصاً أن وجود مقابر للأموات ليست مشكلة، على الأقل حتى الآن. لدي سؤال بسيط: ماذا لو زاد عدد الضحايا - لا قدّر الله - في أي كارثة مستقبلاً عن سبعة آلاف شخص؟ أين سيدفن الضحايا الباقية؟ هل سيدفنون مع من مات بأسباب أخرى؟ أم أن هناك مجالاً لتوسعة المقبرة، لتتسع لأكبر عدد ممكن من الموتى؟ كان يجب أن نعلم أن هذه الدنيا فانية ولا تستحق طول بقائنا فيها، فلنرحل بسلام ولننم في قبر لا تجرفه السيول ولا تطوله الحرائق ولا نقرأ فيه مثل هذه التصريحات التي تخبرنا بمشاريع إبداعية فذة، وأبشروا يا أهل جدة فهناك من يدفع من حر ماله ليبني قبراً أو يشتريه في بعض الدول المتقدمة، بينما أنتم ستجدون مقبرة مجانية تستقبلكم بكل ترحيب. ادعوا يا أهل جدة أن يجزي الله هذا المسؤول وأمثاله على قدر نواياهم، فقد حافظوا على مصالحنا وحلو مشكلاتنا وبنوا قبورنا.