الكتاب المرموقون تصبح لديهم علاقات مع الوزراء ورجال الأعمال، والكتاب (المقاريد) مثل كاتب هذه السطور تصبح لديهم علاقات مع موظفي المقابر!، فقد أصبح لدي صديق جديد يعمل في إحدى المقابر في جده أسأل الله أن لا أحتاج إلى خدماته في القريب العاجل، ولكن الموت حق ولا مفر منه، وإذا لم يؤمن المرء مستقبل جثته فإنه لن يجد قبرا بالإيجار ولن يتمكن من دفن نفسه بوضع اليد، لذلك حرصت على حفظ رسائل هذا الصديق ووضعها في ملف خاص تحت عنوان (منحة قبر)!. قدم لي صديقي الجديد وصفا تفصيليا لأحوال جميع المقابر في جدة، حيث بدأ بمقبرة (أمنا حوا) التي تعتبر أقدم مقابر جدة، وحدثني عن استغلال بعض العاملين فيها لجهل بعض الأجانب الذين يزورونها من مختلف دول العالم (الصين ماليزيا تركيا إندونيسيا)، والذين يحملون في أذهانهم معتقدات خاطئة فيسألون العمال بعربية مكسرة: (فين كبر ماما هوا ؟) فيأخذهم العمال إلى أي قبر كان ثم يطلبون منهم (صدقة)!، أما بالنسبة للسعوديين فإنهم لا يسلمون من الاستغلال حين يدفنون موتاهم في هذه المقبرة، رغم أن اللافتة المعلقة على المدخل تؤكد أن جميع خدمات المقبرة من غسل وأكفان ودفن هي خدمات مجانية تتكفل بها الدولة. المقبرة الثانية هي مقبرة الفيصلية والتي يسميها العاملون فيها (البقرة الحلوب)!!، فهي مقبرة كبيرة، وعادة ما يدفن فيها وجهاء المدينة وتجارها، وطلب المال فيها بالنسبة إلى العمال لا يحتاج إلى طرق ملتوية، بل (على عينك يا تاجر)، وبرغم أن كميات المياه المعدنية التي يرسلها المتبرعون وفاعلو الخير إلى هذه المقبرة لا تعد ولا تحصى، إلا أن المعزين حين يبحثون عن المياه في هذه المقبرة يكتشفون أنها تبخرت لأسباب ليس لها علاقة بحرارة الطقس!. المقبرة الثالثة هي مقبرة الأسد، وهي معروفة بالنسبة لسكان جدة القدماء، خصوصا سكان حارتي الشام والمظلوم، وقد حدثت عملية تجديد للمقبرة من ناحية الشكل والخدمات، إلا أن التجديد لم يطل العاملين في المقبرة، فبقيت على حالها؛ لأنها من ناحية البوابة والمظهر الخارجي جيدة، وتتوفر فيها جميع الأجهزة الضرورية، أما حين تصل إلى ساحة الدفن التي تفصلها عن المدخل (بوابة جميلة!) فيمكنك مشاهدة صور مختلفة للإهمال وانعدام النظافة، حيث تتكوم العلب الفارغة وأعقاب السجائر في مختلف الأنحاء. أما مقبرة الرويس، فيقول صديقي إنها متخصصة في تصريف الجنائز!، فالمسألة تتعلق بمزاج المشرف، فإذا أعجبته الجنازة أمر بدفن صاحبها، وإذا لم تعجبه (صرفها) إلى مقبرة أخرى!، فإذا لم يكن لديك واسطة في هذه المقبرة فإنك قد تضطر لأخذ جولة كاملة على مقابر جدة قبل أن تعود اليه مرة أخرى لينظر في أمرك. ثمة شئ آخر ذكره لي صديقي الجديد، ولكنني لا أريد أن أصدقه لأنه مزعج جدا جدا رغم أني تلقيت في فترات سابقة رسائل تؤكد حدوثه، وهو أن بعض مشرفي المقابر الذين لا يحبون كثرة العمل يشترطون أن يكون المتوفى سعودي الجنسية (يعني ما تجي السعودة إلا في اللحظة اللي يتساوى فيها كل البشر)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة