انتقدت جماعة الإخوان المسلمين في سورية تقرير بعثة مراقبي الجامعة العربية التي اتهمتها ب»التغطية على جرائم النظام السوري»، وذلك بعد قرار الجامعة مواصلة مهمة المراقبين التي واجهت انتقادات بسبب عدم قدرتها على وقف عشرة اشهر من إراقة الدماء في البلاد. في موازاة ذلك دعت «هيئة التنسيق السورية» المعارضة جميع الأطراف الدولية، خصوصاً روسيا إلى مواصلة الضغط على دمشق كي تفي بالتزاماتها بموجب البروتوكول مع الجامعة العربية. وقالت «جماعة الإخوان المسلمين» في بيان أمس يحمل عنوان «بعثتهم لم تعد تعنينا» إنه «غدا واضحاً سعي بعثة المراقبين العرب إلى التغطية على جرائم النظام السوري، ومنحه المزيد من الوقت والفرص لقتل شعبنا وكسر إرادته»، متهمة البعثة ب «حماية هذا النظام من أي موقف جاد للمجتمع الدولي». وندد البيان الذي يحمل توقيع زهير سالم الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين ب»استرسال الأمانة العربية للجامعة العربية في استرضاء النظام السوري حتى قبل استقبال بعثة المراقبين العرب»، مذكراً ب «شرط وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي جاهر به في مؤتمر صحافي تحت سمع الجامعة العربية وبصرها (قائلاً) إن توقيعنا على البروتوكول لا يعني قبولنا بالمبادرة العربية». وتابع انه بعد ذلك «لم يعد غريباً ولا مفاجئاً أن تخرج علينا بعثة المراقبين العرب بتقريرها الذي خلا من أي إشارة إلى مسؤولية النظام عن قتل آلاف السوريين، بمن فيهم مئات الأطفال، وبما في ذلك مسؤولية ذلك النظام عن عجز أولياء الأمور عن دفن جثث قتلاهم». كما اتهم بعثة المراقبين العرب بأنها «تساوي بين الضحية والجلاد، وتوازي بين آلة القتل الرسمية بيد الوحدات العسكرية النظامية وغير النظامية بدباباتها ومدفعيتها وصواريخها، وبين عمليات فردية للدفاع عن النفس، أقرتها قوانين الأرض وشرائع السماء». وتابع البيان «إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية، نؤكد للرأي العام الوطني، وللجامعة العربية، وفي ضوء تقرير بعثتها المنحاز للنظام القاتل المستبد: إن أمر بعثتكم هذه لم يعد يعنينا». وتعهد الإخوان المسلمون «المضي على طريق تحرير بلدنا وشعبنا، حتى نظفر بوعد الله وكرامته ونصره». ودعا رئيس «هيئة التنسيق السورية» في المهجر هيثم مناع إلى «مواصلة الضغط على النظام السوري حتى يلتزم تطبيق المبادرة العربية، لأن عدم التزامه جريمة في حق المجتمع ووحدة سورية ومستقبلها». وقال مناع في حديث إلى «الحياة» عبر الهاتف إن «المطلوب الضغط على النظام السوري من الأطراف كافة، وخصوصاً من روسيا حتى يحترم النظام التزاماته لأن خياراتنا محدودة، وبالتالي فإن عدم الالتزام السوري البروتوكول العربي سيضعنا في المجهول». ورأى أن « الموقف الروسي يتغير ببطء، وإن الرؤية السورية لم تعد مقبولة لدى الروس، وصارت لديهم معلومات يأخذونها من المعارضة ولم يعد النظام وحده مصدر معلوماتهم. لكن قرارهم (الروس) السياسي ما زال يشكل مشكلة». وقال مناع: «إن الروس لديهم عقدة من التجربة الليبية وهم يقولون إنهم لا يريدون تكرار ذلك السيناريو. ونحن قلنا لهم إننا أيضاً ضد تكرار السيناريو الليبي في سورية. لكننا شددنا على أنه لا يمكن اختزال الأزمة السورية في تعبير (مؤامرة) في شأن التحالفات في المنطقة. وقلنا إن المسألة هي تغيير نظام الحكم والسلطة» في سورية. وشدد مناع على أن «الروس والإيرانيين هم الطرفان الوحيدان القادران على إجبار السلطة السورية على احترام خطة العمل العربية بحذافيرها». وتابع: «الأطراف الأخرى حرقت أشرعتها مثل الفرنسيين. وهم (الفرنسيون) لن يؤثروا على السلطة السورية. الروس تأثيرهم حاسم»، مؤكداً أيضاً أن نجاح المبادرة وخطة العمل العربية «ليست مسؤولية من يدعمون السلطة السورية ولا يرون أن سلوكها انتحاري لها وللبلد». وكانت اللجنة الوزارية العربية قد دعت في بيانها أول من امس السلطات السورية والمعارضة إلى وقف العنف وعدم الضغط على المراقبين، كما طالبت دمشق الالتزام الكامل والفوري ببنود الاتفاق مع الجامعة العربية. كما طالبت المعارضة السورية بالتوحد تمهيداً لعقد مؤتمر للمعارضة السورية. وفي هذا الصدد وحول هل سيلتقي مسؤولو «هيئة التنسيق» مع قيادات في «المجلس الوطني» لتقريب وجهات النظر: قال مناع ل «الحياة»: «أظن إن المجلس الوطني يماطل (في شأن عقد اجتماع مشترك) لأن لديه معلومات تتحدث عن أن خطة العمل العربية ستفشل. ولذلك يقولون لماذا نلتزم عقد مؤتمر سوري، تخطط له الجامعة العربية، ووحدة المعارضة؟». وتابع مناع: «المجلس الوطني يتحرك منفرداً. إنهم عادوا إلى نهج التفكير القديم وهو أن المجلس هو الممثل الوحيد للشعب السوري». وشدد مناع على أن قضية وحدة المعارضة «ليست قضية تكتيكية أو أمراً مرهوناً بنجاح خطة العمل العربية. هي قضية وجودية للجميع». أما عن زيارته مع وفد من هيئة التنسيق إلى تونس التي اختتمها أول من أمس، فقال مناع: «إن الرئيس التونسي الدكتور منصف المرزوقي ووزير الخارجية التونسي والأحزاب المشاركة في السلطة والمعارضة أكدوا لنا جميعاً إنهم ضد التدخل العسكري الأجنبي في سورية لأن نتائجه ستكون كارثية. وهم اعتبروا أن وحدة المعارضة السورية شرط لنجاح الثورة السورية ومن دونها ستكون هناك مشاكل وعقبات أمام النجاح. كما اكدوا دعمهم خطة العمل العربية كمجتمع مدني ودولة». وأفاد بأن التونسيين يسعون إلى عقد اجتماع مشترك بين قيادتي «المجلس الوطني» و»هيئة التنسيق» خلال الأيام المقبلة. كما أوضح أن وفداً من «هيئة التنسيق» اجتمع أمس مع مسؤولين في الجامعة العربية في القاهرة، وتم اطلاعهم على نتائج زيارتنا العربية والدولية والأوروبية. وعن مهمة المراقبين العرب وخطط تطويرها التي تحدث عنها اجتماع اللجنة العربية في القاهرة، قال مناع:»إننا تلقينا موافقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في شأن إرسال خبراء لتدريب مراقبين عرب»، وتوقع أن يساهم الأوروبيون في تدريب المراقبين العرب، مشيراً إلى أنه توجد في أوروبا قواعد أساسية وخبرات «قد تجنبنا الفشل» في مهمة المراقبين العرب.