قامت مواطنة كويتية بضرب عاملتها المنزلية بسبب هروبها من منزلها لمدة أربعة أيام ورفضها التصريح بمكان إقامتها أثناء فترة هروبها، لذلك ضربتها ضرباً مبرحاً وتركتها ملقاة في صالة المنزل وذهبت لتنام، وعندما أفاقت صباح اليوم التالي وجدتها جثة هامدة... سؤالي ماذا كانت تتوقع هذه السيدة أن تقوم من نومها لتسمع أسفها وندمها على الهروب (مثال للتفكير الأحادي) أم تجدها جثة هامدة من جراء الضرب كما حدث؟ أم ان العاملة قد تنتقم من الضرب والاهانة التي لحقت بها وتذهب لغرفتها لتقتلها او تضع غلها في احد أطفال السيدة أو تضع سماً لأفراد العائلة؟ لماذا لا نضع أنفسنا مكانهم ونتخيل مجرد تخيل سيناريوهات عدة، وإذا لم يكن رحمة بالخدم سيكون رحمة بنا وبأنفسنا وبأطفالنا من لحظة انتقام وثأر كما يحدث في بعض البيوت ومن بعض الخدم رداً على سوء تعامل بعض ربات البيوت. كتبت الزميلة منال الشريف مقالاً الأسبوع قبل الماضي عن حقوق الخدم وأوردت نموذجاً لاحدى العاملات المنزليات وقصت علينا قصتها المؤلمة، ففوجئت بأحد المعلقين على المقال يكتب بصورة عنصرية شديدة وبغيضة أذهلتني وقلبت نهاري إلى ليل أسود بل كاحل السواد، عندما كتب بالحرف الواحد ما يلي «من الأولى التركيز على حقوق المواطن بالدرجة الأولى الآن وترك حقوق الخادمات والعمال لان الغالبية العظمى يأخذون حقوقهم وزيادة ثم يهربون ويعيثون في الأرض فساداً... والضحية من؟ العائلة أو الكفيل الذي يدفع عشرات الألوف ليحضر عاملة أخرى بالإيجار (تكون في الأصل هاربة) أو إحضار جديدة فيصطدم بالتأخير لأسباب سياسية». بلادنا الإسلامية معظمها إن لم تكن جميعها التي تفتخر بدين العدل والمساواة ما زالت تترك هؤلاء تحت رحمة وأخلاق ومبادئ «المواطنين»، نحن بحاجة للتنظيم من خلال قانون واضح ينظم العلاقة بين الخادم والمخدوم، قانون يوضح لكل طرف حقه، ويسهل له طريقة الحصول عليه دون أدنى تأخير، وإلا علينا كدول عربية وخليجية منع الاستقدام نهائياً والاكتفاء بخدمة أنفسنا حتى لو دعت الحاجة إلى الغير أو الاعتراف بحقوق هؤلاء بصورة نظامية تعرض من يؤخر الرواتب ومن يسيء المعاملة ومن يتعامل مع البشر كعبيد إلى مجرم يستحق المحاكمة. قلما نسمع في الدول الغربية عن حوادث مشابهة، وسؤالي هل هم رحماء أكثر منا؟ هل لديهم إنسانية أكثر؟ بالطبع لا «هم» يعرفون فقط ان النظام لا يفرق بين وزير وبين مواطن عادي، الناس مهما اختلفت ألوانهم وأشكالهم وجنسياتهم سواسية في نظر القانون، الكل بلا استثناء يعاقب عندما يفكر انه يستطيع استعباد خلق الله، والخدم والموظفون والعمالة يعرفون حقوقهم ويتمكنون من المطالبة بها بكل سهولة. وان لم نفعل ونحيل موضوع الخدم والعمالة إلى جهة حكومية تشرف عليها هيئة أو جمعية حقوق الإنسان وممثل من وزارة العمل والعمال ليكون بإمكاننا تأجير العمالة لعدة ساعات يومياً واحتساب أجرتها بالساعة وتسليمها لها من دون تأخير، مع ضرورة أن تجبر هذه المؤسسة الحكومية على فتح حسابات جارية للعاملات يحول إليها أموالهن التي عملن وعرقن من أجلها، فسننتظر حوادث أكثر عنفاً تترك جروحاً لن يمحوها الزمان. [email protected] twitter | @s_almashhady