أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي وجوب العمل «من أجل بناء الدولة المدنية، الديموقراطية، العادلة، حيث مسلمون ومسيحيون يعيشون معاً على أساس من المواطنة والاحترام المتبادل بالحوار الدائم»، وحض «المسؤولين السياسيين في لبنان ومختلف الاطياف على الجلوس الى طاولة الحوار، لأنه إن لم نفعل ويفصح كل منا عما في نفسه من هواجس ومخاوف وأمنيات نبقى على ما نحن». وكان الراعي التقى في بكركي وفداً من «حزب الله» برئاسة الشيخ محمد عمرو هنأه بالأعياد في حضور الكاردينال نصرالله صفير والمطران سمير مظلوم والمسؤول في «التيار الوطني الحر» غابي جبرائيل. وإذ تمنى الراعي «ان تكون كل سنة مليئة بالخير والسلام»، اعتبر ان ذلك يعني «أننا نلتزم بأن نعيش القيم السماوية لأنها عطايا من السماء نبني عليها حياتنا اليومية». وشدد على ان «للبنان رسالة ينبغي ان يقوم بها، هو الذي يقع جغرافياً بين كل هذا الشرق وبين الغرب، وقال عنه البابا يوحنا بولس الثاني إنه رسالة ونموذج للشرق وللغرب». ورأى ان الغرب «ذهب بعيداً في العلمنة، لانه لم يفصل فقط بين الدين والدولة بل فصل بين الدولة والله، ونراه يتخبط بأزمات وكأن الله غير موجود. نعم، لبنان دولة مدنية تفصل بين الدين والدولة، لكنها لا تفصل بين الدولة والله، هي تحافظ على ما يريده الله ويوصي ويرسم، هذه الرسالة عظيمة، ونأمل بأن نعيشها، ولذلك ينبغي ان نعمل جاهدين كلنا من أجل بناء هذه الدولة». وكان الشيخ عمرو توقف في كلمة باسم الوفد عند «ظروف المنطقة التي نعيش في ضمنها، هذه الظروف صعبة وقاسية ومعقدة، والخوف هو من ان يمتد هذا الصراع الى الداخل اللبناني»، داعياً القيادات اللبنانية الى «تحكيم العقل والمنطق في حركتها السياسية وفي نقاشاتها وحوارها، وإلى ان تبتعد عن التدخل في شؤون الآخرين، لأن لبنان لا يستطيع ان يتحمل أيّ خضات سياسية او عسكرية او أمنية ، لبنان وضعه دقيق وظروفه دقيقة ايضاً وهو يحمل رسالة، هذه الرسالة يجب ان يعبر عنها بالحوار والمنطق وليس بأي اسلوب آخر». وكان الراعي ترأس عصر اول من امس قداس رأس السنة، ولمناسبة يوم السلام العالمي في كنيسة بكركي. وتمنى في عظة ان يتحقق في هذا العام «سلام عادل ودائم، ولاسيما في وطننا وبلدان الشرق الاوسط». ورأى «ان مخالفة العدالة تزعزع السلام، إذ تولد التوتر والاضطراب، وتنغص سلامة العيش والعلاقات بين الناس، وتتسبب باللجوء الى العنف، لأن السلام ثمرة العدالة».واعتبر ان الشبيبة في لبنان بحاجة الى «ذهنية جديدة للنهوض بلبنان دولة مدنية ديموقراطية حديثة، على أساس عقد وطني اجتماعي جديد، يطور الصيغة التطبيقية لميثاق 1943 الوطني، ميثاق العيش معاً». وقال: «إن تطوير هذه الصيغة يستوجب احترام التنوع في الوحدة، وحماية حرية الرأي والضمير، والعمل لمصلحة جميع فئات المواطنين والمناطق، وإدراك رسالة لبنان الحضارية والثقافية في العالمين المسيحي والإسلامي وفي المحيط العربي، انطلاقاً من تجربته التاريخية ومن موقعه الجغرافي المتوسطي.