اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «التأخير في تشكيل الحكومة إمعان في الخراب وهدم الدولة وقهر المواطنين»، داعياً إلى الكف عن «التباطؤ والشلل في حياتنا ونحن أمام فوّهة بركان مما يجري في العالم العربي»، كما رأى أن «القمة الروحية أعلنت الثوابت المشتركة ولم نتكلم عن خيارات سياسية»، مؤكداً أن «ما من أحد حمل قضية فلسطين مثل لبنان ولم يدافع عنهم أحد مثل لبنان». وقال الراعي في تصريح له من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت قبل مغادرته أمس الى الفاتيكان: «هناك من يعاني معيشياً واجتماعياً واقتصادياً والدولة معطلة والتعيينات واقفة وكل شيء مشلول». ورأى أن تحفظ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عن البندين السادس والسابع في بيان القمة الروحية «معالج بحد ذاته لأنه عندما اجتمعت القمة الروحية كنا في قمة المحبة المتبادلة والفرح، وقمة التفاهم في إصدار هذا البيان، ماذا صدر في الخارج لست أدري؟ فأنا أتوقف عند قمة جمال لقائنا في بكركي، أكان في ما سمعنا من كلمات من جميع رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية أو ما كتب وما دون وما سجل»، وأشار الى أن «القمة الروحية أرادت ان تبين مرة ثانية للمواطنين في لبنان، ان لبنان دولة مدنية، وليس دولة دينية، يعني لبنان يفصل تماماً بين الدين والدولة. لذلك، القمة الروحية تمثل السلطة الروحية في لبنان، مسيحية أو إسلامية، وتوجد في المقابل سلطة سياسية». وقال: «ما جرى في المساء كان كلاماً سياسياً، وهذا لا يعنينا، إنما ما يعنينا هو الثوابت الروحية والوطنية». وأضاف: «نحن ينبغي أن نميز، فلا تعنينا خيارات السياسيين، هذه الخيارات، تعنينا إذا كانوا ثابتين على الثوابت الوطنية والدستورية، وإذا كانت خياراتهم تذهب الى الأهداف اي الى المواطن اللبناني وحقوقه وكرامته ومصيره وعيشه الكريم. والمجتمع اللبناني هدفنا الثاني». وزاد: «السياسيون لهم خياراتهم المتنوعة، السلطة الروحية تعمل أيضاً بقطاعها الروحي والرعوي والاجتماعي والإنمائي في سبيل هذه الأهداف. لا ينبغي أن نخلط عندما نتكلم كسلطة روحية عن الثوابت، أرجو ألا يعطيها السياسيون صيغة سياسية»، مؤكداً الاكتفاء ب «ما عشنا في بكركي، وسنواصل. الطريق مفتوح أمامنا وهذا الذي قيل عند المساء لا يعكس إطلاقاً كل الجو الإخائي والأخوي والروحي والجميل جداً الذي كان داخل بكركي من السلطات الروحية. المدعوون كانوا السلطات الروحية، ومن تكلم غيرهم ليسوا سلطات روحية». وأكد «مواصلة الطريق كما قررنا، فنحن قررنا أمرين: أن نجتمع دورياً لنركز دائماً على الثوابت والأهداف، ليتمكن السياسيون من أن يكونوا مخلصين وأوفياء لثوابتنا الوطنية ولأهدافنا، ونحن أيضاً من خلال عملنا الروحي، وأن نؤلف هيئة حيادية تمثل رؤساء الطوائف تعمل من أجل بناء النسيج اللبناني بما يسمى بالتفاهم والمصالحات، ولن نتراجع عن هذين القرارين». وعن دعوة الرئيس نبيه بري الغرب إلى عدم الخوف على مصير المسيحيين في لبنان إنما على مصير لبنان، رد الراعي: «أنا كنت أرفض دائماً الكلام على مصير المسيحيين، كنت أقول نحن مسيحيون ومسلمون في لبنان في سفينة واحدة، فإما نغرق جميعنا أو ننجو جميعنا، أن ينجح المسيحي على حساب المسلم خسارة لكل لبنان، وأن ينجح المسلم على حساب المسيحي أيضاً خسارة لكل لبنان، أنا أؤيد هذا الكلام». وعن الملف الفلسطيني في ظل يوم النكبة، قال: «نحن في القمة وجهنا نداء من أجل أن تتحمل الأسرة الدولية مسؤولية قراراتها، فهناك قرارات منذ عام 1949 لم تنفذ وهي أن يعود الفلسطينيون من دون استثناء الى أرضهم، وتطالب الكنيسة باستمرار والمجتمع الدولي أيضاً كي تكون لهم دولة»، وأضاف: «نحن مع عودتهم وكرامتهم وحقوقهم وإنشاء دولتهم الخاصة. ونناشد الحكومة من جديد، ان هذا التباطؤ يمعن في نزيف الهجرة، فإذا هجر اللبنانيون أرضهم يصيبهم ما أصاب الفلسطينيين، نحن متمسكون بأرضنا، وينبغي على الفلسطينيين أن يتمسكوا ويعيشوا بأرضهم فهذا حقهم، فمن يعيش من دون وطن هو يتيم، هو من دون تقليد، وثقافة، وحضارة. فالأوطان هي ثقافة الشعوب». وأمل بأن «يصل صوتنا الى المسؤولين في لبنان للإسراع، اليوم لا غداً، في إنشاء حكومة ليقف هذا النزيف اللبناني الذي يجعل اللبنانيين الذين يخرجون من لبنان من دون وطن ومن دون تاريخ وهوية ومن دون تقاليد ولا ثقافة».