شمّرت القوى السياسية المصرية عن سواعدها استعداداً للجولة الأخيرة في انتخابات مجلس الشعب (الغرفة العليا في البرلمان) التي تنطلق اليوم في تسع محافظات، فيما لاحت محاولات حثيثة يبديها المجلس العسكري لتهدئة الجبهة الداخلية قبل الذكرى الأولى للثورة المصرية. وعلمت «الحياة» أن جنرالات الجيش استعانوا بشخصية عسكرية متقاعدة لعقد لقاءات مع رجال الإعلام في مصر من أجل تهدئة الخطاب الإعلامي والتركيز على حال الهدوء التي تعيشها مصر الآن. وأفيد أن تلك الشخصية التي رفضت مصادر مطلعة كشفها وإن أكدت أنها تحظى بثقة المجلس العسكري ولديها علاقات قوية مع الإعلام، عقدت بالفعل لقاء مع عدد من الكتاب وأصحاب الرأي، وينتظر أن تعقد لقاء قريباً مع رؤساء تحرير صحف وإعلاميين. وتبدأ اليوم في 9 محافظات المرحلة الثالثة والأخيرة من انتخابات مجلس الشعب، بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية بجولتيهما والتي أسفرت عن فوز كبير للقوى الإسلامية ممثلة في حزب «الحرية والعدالة» (الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين») وحزب «النور» السلفي بالنسبة إلى المقاعد الفردية أو القوائم الحزبية. وستجري الانتخابات في المرحلة الأخيرة في محافظات القليوبية والدقهلية والغربية والمنيا وقنا ومرسى مطروح والوادي الجديد وشمال سيناء وجنوب سيناء على مدى يومين، إذ سيتم استكمال عملية التصويت غداً (الأربعاء)، ليتم في ختام اليوم الثاني نقل صناديق الاقتراع إلى مقار اللجان الانتخابية العامة إيذاناً ببدء عملية فرز الأصوات. وستجري جولة الإعادة بتلك المرحلة في 10 و11 كانون الثاني (يناير) بالنسبة إلى المقاعد الفردية. ويشارك في الانتخابات قرابة 14 مليون ناخب لهم حق التصويت في المحافظات التسع التي ستجري بها الانتخابات. وأكد رئيس المكتب الفني للجنة العليا للانتخابات المستشار يسري عبد الكريم ل «الحياة» إن اللجنة انتهت من كل الاستعدادات المتعلقة بإجراء الانتخابات التي ستتم تحت إشراف قضائي كامل من قرابة 10 آلاف قاض وعضو في الهيئات القضائية، مشيراً إلى أنه تم التأكيد على وجود القضاة وفتح اللجان في الثامنة صباحاً (الموعد المقرر)، لافتاً إلى أن القضاة تسلموا بالفعل أوراق العملية الانتخابية أمس (الاثنين) لضمان عدم تأخير فتح اللجان، محذراً من مغبة إجراء الدعاية خلال فترة الصمت الدعائي التي بدأت اعتباراً من أول من أمس، مع منع أي دعاية ذات طابع ديني أو استخدام دور العبادة والمؤسسات العامة في الدعاية. وسيجري التنافس في المرحلة الثالثة بين 2754 مرشحاً لاختيار 150 نائباً برلمانياً يمثلون الدفعة الأخيرة من المقاعد المتبقية في تلك المرحلة، إذ يتنافس 1213 مرشحاً على 100 مقعد مخصصة للقوائم الحزبية، و1541 على 50 مقعداً في النظام الفردي. ويبلغ عدد المراكز الانتخابية 7210 مراكز إلى جانب 15175 لجنة فرعية. ويتوقع استمرار هيمنة الإسلاميين على المرحلة الثالثة من الانتخابات، فيما ينتظر أن يتم الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات برمتها والفائزين بصورة رسمية من جانب اللجنة العليا للانتخابات في ختام الجولة الثالثة للانتخابات، عقب الانتهاء من الجانب الأخير من الانتخابات المتمثل في الدوائر التي أرجئت الانتخابات فيها بسبب أحكام قضائية والتي حدد لها 17 و18 كانون الثاني (يناير) بعيد جولة الإعادة الخاصة بالمرحلة الثالثة. في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة أن المؤسسة العسكرية تسعى إلى تهدئة الجبهة الداخلية قبل 25 كانون الثاني (يناير) المقبل من أجل تمرير هذا اليوم (ذكرى الثورة) من دون حدوث أزمات تضع المجلس العسكري في مأزق جديد. وأوضح مصدر أن أولى هذه الخطوات استعانة المجلس العسكري بشخصية عسكرية سابقة عملت في مجال يتعلق بالتعامل مع الإعلام. وأشار إلى أنه أوكل لهذه الشخصية عقد اجتماعات ولقاءات مع كبار رجال الإعلام في مصر، بهدف توصيل رسالة إلى الشارع من شأنها تحقيق استمرار حال الهدوء التي تعيشها البلاد خلال هذه الأيام. وأعلن المصدر في هذا الاطار عن لقاء سيعقد غداً (الأربعاء) بين أحد أعضاء المجلس العسكري وعدد من أعضاء حركة «6 أبريل» لاستكمال حوار جرى الأسبوع الماضي تم خلاله الاستماع إلى مطالبهم والتي تضمنت احداها توفير مقر لهم، موضحاً أن اللقاء تطرق أيضاً إلى الاتفاق على نقاط عدة حول التظاهرات والاعتصامات، حيث تم الطلب منهم تحديد توقيت ومكان أي اعتصام يقومون به، واخطار الأمن بموعد انهاء الاعتصام، حتى يتسنى معرفة من تبقى عقب مغادرتهم وتحقيق الأمن في الشارع. لكن الحركة نفت في شدة حصول أي اجتماعات وإن حصل انقسام بين فصائلها، فبينما رفضت في شدة «جبهة أحمد ماهر» الجلوس مع قادة الجيش وقال المتحدث الإعلامي باسمها محمود عفيفي ل «الحياة»: «لم نجلس مع جنرالات الجيش ولن يحصل ذلك قبل تقديم اعتذار رسمي إلينا على ما وجه الينا من اتهامات في شأن تلقينا اموالاً من الخارج». أما الناطق الاعلامي باسم «الجبهة الديموقراطية» طارق الخولي فلم يستبعد أن يجلس مع الجيش، وقال ل «الحياة»: «ليس لدينا عداء مع الجيش ... لكننا نختلف في الرؤى»، لكن الجانبين نفيا في شدة حصول أي لقاء مع مسؤول عسكري في الفترة الاخيرة. في غضون ذلك، دافعت الحكومة المصرية عن إجراءاتها ضد عدد من منظمات حقوق الإنسان ومداهمة مقارها والتحفظ على بعض مستنداتها في إطار التحقيقات التي تجريها وزارة العدل بخصوص اتهام هذه المنظمات بتلقي أموال بطريق غير شرعي. وقال وزير العدل المستشار عادل عبدالحميد إن ما تم هو إجراءات تفتيش تنفيذاً لقرار قاضيي التحقيقات اللذين قاما بندب عدد من أعضاء النيابة العامة لتنفيذ إذن التفتيش وتمت الإجراءات كلها وفقاً لأحكام القانون «وبالتالي لم يكن الأمر اقتحاماً أو مداهمة كما صوّر البعض». لكن وزير العدل رفض في مؤتمر صحافي عقده ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا للرد على الانتقادات الموجهة للحكومة والمجلس العسكري بسبب هذه الحملة، الإفصاح عن أي تفاصيل في شأن التحقيقات أو موعد إعلان نتائجها.