«يا حرائر مصر، يا أجمل وأنقى وأنبل نساء الأرض، أنتن إكسير الثورة وقوتها، أنتن باعث الحياة في موات الضمائر، بكنّ انتفضنا وثرنا من أجل الحياة الحرة الكريمة، وبكنّ نجني ثمار ثورتنا، سأملأ الدنيا أوراقاً وألواناً لأحكي لأولادي وأحفادي قصص كفاحكن وقوة عزيمتكن ومآثر تضحياتكن... فما من مكان وما من تاريخ وما من حادثة إلا ولكُنّ فيها مقام شرف وموضع عزّ وافتخار». هكذا بدأ محمد العيسوي حديثه إلى «الحياة» في قاعة معرضه المستمر حتى نهاية الشهر في «أتيلييه الإسكندرية» بعنوان «ثورة حرائر»، وأقامه تضامناً مع مليونية «حرائر مصر وردّ الشرف» التي شهدتها مصر أخيراً لرد شرف فتيات كنّ ضحايا الاعتداء في الأحداث الأخيرة. وشهدت الإسكندرية، صباح اليوم نفسه، تظاهرات حاشدة تندد بالعنف ضد النساء وتستنكر محاولة إقصاء المرأة، بعد الثورة، على مختلف الأصعدة. يقول العيسوي: «ما من ثورة من ثورات الربيع العربي إلا شاركت فيها النساء، وما من عمل جليل إلا كان للنساء جهد فيه. وما أقبح السياسة حينما تنتهك باسمها حُرمات وحريات! ننتظر من المجلس العسكري أن يفعل الكثير وألا يكتفي بالإدانة». ويضيف: «أدعو كل امرأة عربية إلى تحطيم الأغلال التي تصهر إرادتها وتحجّم قدراتها بعدما ارتبطت بمعايير بالية صدئة. أدعوهن إلى عدم الاستسلام للعنف وأن يصنعن نجاحاتهن بقوة إراداتهن... كثيرات استطعن الخروج إلى النور وخلع عباءة التقاليد السوداء، فعبّرن عن أنفسهن، بل تفوقن على الرجال. الحياة رجل وامرأة معاً، والمجتمعات العربية ما زال أمامها الكثير حتى تتفهم حقوق المرأة التي هي جزء أصيل من حقوق الإنسان». سوريالية وواقعية قدم العيسوي 45 لوحة (زيت على توال) مستخدماً معالجات لونية سوريالية أحياناً، وتجريدية أو واقعية في أحيان أخرى. فدان من خلالها، كل أشكال الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الثوريات والناشطات السياسيات اللواتي شاركن في ثورة في مصر، بل صنعنها، والتي تتعدد صنوفها في الإهانة وإهدار كرامة المرأة وإنسانيتها. كما قدم لوحات أخرى، استعرض فيها جهاد المرأة، في مختلف المراحل التاريخية، مبحراً على مساحات من التراث والواقع. فقدم واقع المرأة وما تعانيه من قهر وتهميش تحت وطأة العادات والتقاليد المتجذرة في الثقافة العربية السائدة، والتي تحمل في طياتها «الرؤية الجاهلية للتمييز الجنسي»، كما يقول. وتناول في بعض لوحاته فكرة هروب المرأة من الواقع المفروض عليها، ومحاولاتها الدؤوبة للتخلص من القيود التي تكبل حركتها. فصوّر أغلالاً من حديد تلتف حول جسد امرأة وكأنما لتخنقه، وهي على وشك أن تلفظ أنفاسها. ومن اللوحات التي أثارت اهتمام الزوار واحدة جسّد فيها عدداً كبيراً من النساء يتشحن بالسواد في مسيرة حاشدة، كأنهن نساء العرب يثرن على العنف والتهميش، فتبزغ من بينهن سيدة ترتدي ملابس فرعونية بيضاء، في إشارة إلى أن المرأة المصرية الثائرة هي قائدة نساء البلاد الثائرات منذ أقدم العصور. محمد العيسوي فنان مصري، شارك في العديد من المعارض المحلية والدولية، وتعرض له أعمال في مؤسسات عربية ودولية، ويمتاز أسلوبه بالمهارة اللونية وإبراز الخامات وملامسها. وحصد العديد من الجوائز في الرسم الزيتي.