أعلنت الادارة الاميركية ان المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين أجروا محادثات «جادة وبناءة» اول من امس، وطلبوا من الولاياتالمتحدة عقد اجتماع آخر الاثنين. وأوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي: «التقى المفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون الليلة الماضية (ليل الاحد - الاثنين) لبحث سبل التغلب على الأزمة في المحادثات... كان الاجتماع جاداً وبناء، وطلب الجانبان من الولاياتالمتحدة عقد اجتماع آخر اليوم لمواصلة الجهد». وقالت مصادر فلسطينية إن اللقاء لم يسفر عن إحراز أي تقدم بسبب تشبث إسرائيل برفضها الإفراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى، موضحة ان الجانب الإسرائيلي وجّه تهديدات مستمرة إلى الفلسطينيين طيلة الاجتماع. ونددت حركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة في بيان ب «استمرار اللقاءات بين وفد السلطة والعدو الاسرائيلي بالوساطة الاميركية للمرة الرابعة على التوالي». في هذه الاثناء، استبعدت أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى أن توافق إسرائيل على تفاصيل الصفقة التي توصل إليها وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأسبوع الماضي لتمديد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، من دون أن يسحب الفلسطينيون طلبهم الانضمام إلى 14 معاهدة ومؤسسة دولية. وأدرج مراقبون تهديدات زعيم «إسرائيل بيتنا» وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بتفضيله إجراء انتخابات عامة مبكرة على «الإفراج عن سجناء عرب إسرائيليين»، في هذا السياق إذ اعتبروها موجهة الى واشنطن التي تضغط على إسرائيل لتغض الطرف عن طلب الفلسطينيين وتواصل التفاوض على تفاصيل الصفقة، وتشمل إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين. وبحسب الأميركيين، فإن المعاهدات التي طلب الفلسطينيون الالتحاق بها «هي ذات صبغة إعلانية ليس أكثر، وتعنى بشؤون النساء والأطفال، وهي أساساً تعرض الفلسطينيين أنفسهم الى الرقابة الدولية». وعقدت الكنيست جلسة خاصة امس في عطلتها الربيعية لاجراء محادثات في شأن مفاوضات السلام دعت اليها المعارضة التي تنتقد اسلوب الحكومة الاسرائيلية حيال المحادثات. وأبرزت وسائل الإعلام العبرية أمس تصريحات ليبرمان، مع إشارتها إلى أن اللقاء الذي جمع طاقمي المفاوضات الفلسطيني والإسرائيلي بحضور الموفد الأميركي مارتن انديك، مساء الأحد «كان جيداً وبنّاءً». لكن موظفاً إسرائيلياً رفيع المستوى أضاف أن الاجتماع لم يحقق نتائج ملموسة، وأن غالبية نقاط الخلاف بقيت على حالها. وتابع أن ثمة نيات ايجابية في المحاولات للتغلب على الخلاف، إلا أن المشكلة تكمن في سبل التغلب على الوضع الناجم. مع ذلك، نقلت الإذاعة العامة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن فرص الخروج من الأزمة والانطلاق نحو تمديد المفاوضات «تبدو ضئيلة»، مستبعداً أن يتراجع الاسرائيليون عن اشتراطهم قبول «صفقة كيري» قبل أن يسحب الفلسطينيون طلبهم الانضمام إلى المؤسسات الأممية. وانشغل المعلقون في قراءة ليبرمان في واشنطن أول من أمس، والتي أعلن فيها أنه يفضل الذهاب إلى انتخابات مبكرة على الموافقة على الإفراج عن أسرى فلسطينيين. واتفق معظمهم على أن هذا التهديد وُجِه الى الولاياتالمتحدة لتخفف من ضغوطها على الحكومة الإسرائيلية، كأن يقول لها فيه إن للحكومة الحالية اعتباراتها وأيديولوجيتها، وأنها لن تقبل بضغوط أميركية لثنيها عن مواقفها. وقال ليبرمان في كلمة ألقاها في نيويورك قبل لقائه اليوم مع نظيره الأميركي: «بما أن العودة إلى صفقة تشمل الإفراج عن مئات المخربين الفلسطينيين والمرور مر الكرام على سلوك السلطة الفلسطينية (خرق الاتفاق بيننا وتقديمها طلبات انضمام إلى 14 معاهدة ومؤسسة أممية) ليست مقبولة على حزبنا، تبقّى أمامنا خياران: تشكيل ائتلاف حكومي جديد، وهو أيضاً خيار مرفوض، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة وهو الخيار الأنسب». ورأى مراقبون أن أقوال ليبرمان موجهة أيضاً الى حزب «البيت اليهودي» الذي يسعى إلى إخراج «الحركة» بزعامة ليفني من الحكومة، ليحل محلها الحزب الديني المتزمت «شاس». واضافوا أن ليبرمان اتخذ موقفاً متشدداً لينال رضى الشارع الإسرائيلي الذي يرفض بغالبيته «الصفقة» التي اقترحها كيري. في الوقت نفسه، صعد بينيت لهجته ضد الرئيس محمود عباس (أبو مازن) حين دعاه الى الانضمام إلى حزبه «وسأطلب منه بعد ذلك اعداد فنجان قهوة لي». ورد زعيم المعارضة اسحق هرتسوغ على تصريحات ليبرمان بالقول إنه يوافق على تبكير الانتخابات، مضيفاً أن ليبرمان «أسقط القناع عن وجهه، وعاد يتصرف مثلما كان يتصرّف في الماضي». ودعا زعيمي «يش عتيد» و»الحركة» يئير لبيد وتسيبي ليفني إلى استخلاص العبر من تشدد ليبرمان والمعسكر المتطرف في «ليكود» والانسحاب من الحكومة. واعتبرت زعيمة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون أن تقديم موعد الانتخابات العامة هو الخيار الأفضل «للتخلص من الحكومة الإسرائيلية الحالية وسياستها الكارثية». ووصفت لبيد وليفني ب «المتعاونيْن» مع نتانياهو «الذي يماطل في التفاوض». وأضافت: «لا أحد في الحكومة الحالية معني حقاً بالتوصل إلى اتفاق سلام، والمفاوضات منذ بدايتها كانت بلا رجاء، وجاءت لتخدم البقاء السياسي للشركاء في الائتلاف الحكومي». وشكّك المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئسل في جدية التهديدات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية بالاقتصاص منها، وقال إن «الغطرسة التي تظهرها إسرائيل في الأيام الأخيرة ليست في محلها»، مضيفاً أن المؤسسة الأمنية ليست معنية في انفجار الأوضاع في الضفة الغربية و»عودة التفجيرات الى مدن تل أبيب». وقال إن ثمة فجوة واضحة بين الخطاب الإسرائيلي العلني (التهديدات للسلطة) في الأيام الأخيرة وبين سلة الوسائل «المحدودة جداً» التي تملكها إسرائيل عملياً لمعاقبة الفلسطينيين. كارتر ورحب الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر الحائز على جائزة «نوبل» للسلام في بيان صادر عن مجموعة «الحكماء» التي ينتمي اليها، بطلبات انضمام الفلسطينيين للمنظمات الدولية. وقال: «لا ينبغي النظر اليها كضربة لمحادثات السلام. على العكس، آمل في ان تساعد على تصحيح اختلال ميزان القوى بين اسرائيل والفلسطينيين بينما نقترب من الموعد النهائي الذي حدده كيري في 29 من نيسان (ابريل) المقبل».