هل تمانعين في العمل نادلة في فندق؟ هل ترغبين في العمل بورشة؟ هل تستطيعين المبيت في العمل والحضور في أي وقت؟ هل لديك القدرة على العمل في أماكن ناقلة للعدوى والإشعاعات النووية؟ هل لديك القدرة على العمل في الورش وصيانة المعدات الثقيلة؟ وهل لديك الرغبة في العمل بالمستودعات وجرد المخازن؟ هل تملكين رخصة قيادة سيارة؟ هذه نماذج لبعض الأسئلة التي وردت في استمارات التسجيل في برنامج «حافز» الخاص بالعاطلات من العمل في السعودية والذي أطلقته وزارة العمل قبل 8 أشهر، مثيرة حفيظة سعوديات راغبات في العمل، وجدن في هذه الأسئلة ما لا يمت بصلة إلى واقعهن والبيئة التي يعشن فيها. أصيبت بعضهن بالإحباط لا سيما أن الغالبية منهن علقن الآمال على هذا البرنامج الجديد الداعم للعاطلين من العمل واستبشرن به خيراً. وعلى رغم تأكيدات المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية والمشرف على برنامج حافز أن تلك الأسئلة «غير مرتبطة» في شكل رئيس بصرف «الإعانات»، فإنه قال في تصريحات صحافية «إن الهدف من تلك الأسئلة هو قياس ميول المتقدمين ومعرفة ميولهم ومدى قدراتهم ورغباتهم في الوظيفة». وانتابت أوساط العاطلين من العمل حالات من الغضب الشديد أثناء مراحل البرنامج، ووصل عدد المتقدمين لبرنامج حافز إلى مليون ونصف المليون، منهم مليون فتاة بحسب الإحصاءات الرسمية. وتقول إيمان وهي إحدى المتقدمات للبرنامج: «لا أعلم ما هي الدراسات والآليات التي وضعت على أساسها تلك الأسئلة، فهل يعقل أن أحمل شهادة جامعية في تخصص المحاسبة وأعمل كنادلة أو عاملة في ورشة مستقبلاً». وتضيف: «استبشرنا خيراً ببرنامج حافز كخطوة جديدة للحد من البطالة، خصوصاً بين الفتيات، ولكن زاد من إحباطنا أن لا أمل في العمل أو حتى الحصول على إعانة، ولا سيما أن شروط وأسئلة الاستبيان لا تتوافق مع عادتنا وتقاليدنا السعودية». وتتفق معها سحر خاطر: «أصابتني أسئلة حافز بإحباط، وأنا فعلاً محتارة في أمري. ففي حال الموافقة على تلك المهن الموضوعة ضمن الأسئلة سأواجه برفض من قبل أسرتي التي تمانع عملي في مهن كهذه، وفي حال رفضي التسجيل فهذا يعني حرماني من الإعانة والحصول على وظيفة في المستقبل القريب». وترى نورة أن النتائج الأولية للبرنامج «محبطة» لأنه تم استبعاد العشرات ممن تنطبق عليهم شروط الحصول على الإعانة، وتقول: «استبعدت من إعانة حافز لكوني التحقت بإحدى الدورات التدريبية لصندوق تنمية الموارد البشرية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ولكني عاطلة من وقتها»، مشيرة إلى أهمية إعادة النظر في الشروط والمعايير خصوصاً للعاطلات من العمل اللائي يمثلن النسبة الأعلى. ويعد ملف البطالة في السعودية من أكثر الملفات سخونة وجدلاً في السنوات الأخيرة، ولا سيما أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب عاماً بعد آخر، بالتزامن مع ارتفاع معدلات العمالة الأجنبية في السعودية. وبحسب إحصاءات رسمية فان معدل البطالة في السعودية وصل إلى 26 في المئة، وهي تحتل المرتبة الثانية على مستوى الشرق الأوسط في ارتفاع معدلات البطالة بين مواطنيها. وبحسب المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في «البنك السعودي الفرنسي» تركي الحقيل فان الإحصاءات السكانية التي أجريت عام 2010 كشفت عن ارتفاع في أعداد الوافدين فاق التوقعات. وكان الحقيل قال في تصريحات صحافية سابقة: «في الماضي القريب تأرجحت نسبة الوافدين من مجموع سكان البلاد حول 27 في المئة، لكن في السنوات الخمس الماضية، قفزت هذه النسبة نتيجةً لاستقدام أعداد متزايدة من العمالة الأجنبية خلال فترة الازدهار الاقتصادي التي صاحبت طفرة أسعار النّفط، بين عاميِّ 2003 و2008». وأضاف: «منذ 2004، قفزت نسبة الوافدين إلى 31 في المئة من مجموع سكان البلاد الذين بلغ عددهم 27.6 مليون نسمة في أواخر عام 2010، طبقاً للبيانات السكانية النهائية، أما الآن، فإنّ نسبة الوافدين إلى المواطنين تقترب من 33 في المئة». وأكد الحقيل أن العامين الماضيين شهدا ارتفاعاً حاداً في نسب بطالة السعوديين خصوصاً الشباب الذي تقل أعمارهم عن الثلاثين، إذ وصلت إلى 27.4 في المئة، وبلغت 39.3 في المئة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً. ولفت الحقيل إلى أن «القطاع الخاصّ المحلي يساهم في تعقيد مشكلة البطالة بين السعوديين، بدلاً من المساعدة في حلّها. ففي عام 2009، كان الكثير من شباب المملكة يكافحون من أجل الحصول على فرص عمل، لكنّ القطاع الخاصّ المحلي أصدر في ذلك العام 982420 تأشيرة عمل لاستقدام وتوظيف عاملين أجانب، أي أكثر من ضعف عدد تأشيرات العمل التي أصدرها في عام 2005، طبقاً لبيانات وزارة العمل السعودية».