علمت «الحياة» أن رئيس المجلس العسكري في مصر المشير حسين طنطاوي عقد اجتماعاً أمس مع رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري بحضور وزيري العدل عادل عبدالحميد والداخلية محمد إبراهيم، لمناقشة ملف منظمات المجتمع المدني في مصر. وأوضحت مصادر أن الاجتماع الذي لم يعلن عنه ناقش «الضجة الدولية» والانتقادات الموجهة لمصر بعد مداهمة السلطات عدداً من المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والأميركية وغلق عدد منها. وأضافت المصادر أنه اتفق خلال الاجتماع على أن يصدر وزير العدل بياناً يوضح فيه ملابسات تفتيش مقار المراكز الحقوقية «على خلفية تلقيها تبرعات أجنبية لم يعلن عنها، لبث رسالة طمأنينة وتهدئة الأمور في الداخل والخارج». كما عُلم من مصادر مطلعة أن السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون التقت أول من أمس عضو المجلس العسكري اللواء محمد العصار، وأعربت له عن قلق الإدارة الأميركية للإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية تجاه المنظمات الحقوقية، ونقلت خلال الاجتماع «حالة الانزعاج من هذه الخطوة». ونقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي كبير الجمعة أن مسؤولين مصريين أكدوا للولايات المتحدة أنهم سيوقفون المداهمات لمقار جماعات مؤيدة للديموقراطية ومنظمات حقوقية وسيعيدون الممتلكات المصادرة في الحملة التي وتّرت العلاقات مع واشنطن. وتحدث وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا والسفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون مع كبار المسؤولين المصريين ومن بينهم المشير طنطاوي الجمعة للحض على تنفيذ مطالب الولاياتالمتحدة بالسماح للمنظمات غير الحكومية باستئناف عملها الطبيعي. وقالت فيكتوريا نولاند الناطقة باسم الخارجية الأميركية في تعليقات عبر البريد الإلكتروني إن «السفيرة طلبت من القيادة المصرية تطمينات... وحصلت عليها... بأن تتوقف المداهمات وأن تُعاد الممتلكات فوراً». أما جورج ليتل الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية فأوضح أن بانيتا تحدث مع طنطاوي و «شدد على أنه من المهم لمصر الاستمرار على طريق التحول الديموقراطي بعد جولتين ناجحتين من الانتخابات البرلمانية». وفي هذا الإطار، قال مصدر مصري مسؤول ل «الحياة» إن «الإجراءات التي تم اتخاذها في شأن هذه المراكز والمنظمات من شأنها إيصال رسالة للداخل والخارج بأن مصر دولة قانون، ومن حقها اتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية هذه الدولة ضد من يعبث بها». واعتبر أنه «على رغم الضجة التي أعقبت مداهمة هذه المراكز، إلا أنها حققت مكاسب للدولة المصرية»، من دون أن يحدد نوعية هذه المكاسب. في غضون ذلك، بدأت هيئة التحقيق المنتدبة من وزارة العدل للتحقيق في التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية فحص الأحراز والأوراق والمستندات التي تمت مصادرتها لبيان حجم الأموال التي تلقتها تلك المنظمات من الخارج بالمخالفة للقانون. وذكرت مصادر مطلعة على التحقيقات أن «أجهزة الحاسب الآلي المضبوطة والشيكات البنكية توضح ضلوع منظمات في تلقي تمويلات أجنبية في شكل غير شرعي». وقام أعضاء في هيئة التحقيق باستجواب مسؤولين في تلك المنظمات، وفحص السجلات والدفاتر الخاصة بكل منظمة حقوقية والنشاط الخيري الذي تقوم به وأوجه إنفاق الأموال التي تتلقاها تلك المنظمات. وواصل المجتمع المدني تنديده بمداهمة مقرات المنظمات الحقوقية. وأعرب مركز «سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز» عن رفضه الشديد للطريقة التي تم التعامل بها مع منظمات المجتمع المدني، وغلق بعضها على خلفية اتهامها «بتلقي تبرعات من دول ومنظمات أجنبية، وصرفها في غير مصارفها الشرعية، وقيامها بتعليم بلطجية وخارجين على القانون الأمور السياسية واستخدامهم في توتير الأمن والنظام العام في البلاد، تحقيقاً لأجندات خارجية، من دون دليل أو برهان يثبت هذا الأمر، خصوصاً أن هذه المنظمات تتلقى التمويل منذ فترات طويلة، أيام النظام السابق، ولم يثبت تورطها في تلك الأعمال». وأضاف مركز «سواسية»، في بيان، أن «النظام السابق لم يقم يوماً باقتحام تلك المنظمات وغلقها بالشكل الذي نراه الآن، والذي كنا نتوقع ألا يحدث أبداً بعد الثورة، التي يفترض أنها أتت للحفاظ على الحقوق والحريات العامة والخاصة، وإتاحة المجال واسعاً للمنظمات الحقوقية والإنسانية في مباشرة أعمالها بحرية كاملة». على صعيد آخر، عبَّر المشير طنطاوي، على هامش افتتاحه أمس مركزاً طبياً تابعاً للقوات المسلحة، عن أمله في أن يكون حريق المجمع العلمي هو آخر الأعمال التخريبية التي تشهدها مصر، مؤكداً أن القوات المسلحة ستقدم كافة إمكاناتها لإعادة بناء المجمع العلمي واستعادة دورة الثقافي والحضاري والعلمي لمصر والعالم. وطالب طنطاوي الشعب المصري بالتصدي «لكافة صور التخريب والخيانة لتاريخ مصر العريق».