لا فرق بين سنة وأخرى، هي أيام نسميها بالميلادي وبالهجري، ولكنها أيام وتعدي. كيف نعيشها؟ ذاك هو السؤال، وإجابته بسيطة إنما تطبيقه في زمن الشكوى هذا يحتاج إلى أعجوبة، فلن نعيش الأيام في التنظير والتحليل والنقد والسب والشتيمة، ولن نعيشها بالدلع والغنج والتبغدد عليها وعلى أوضاعنا. ترف هي هذه النقمة المزروعة في عقولنا والتي أصيبت بسببها عقولنا بالتخمة بما يسمى العطب الفكري. عقول متعطلة عن الفكر الإيجابي، فماذا تنتج؟ خيبة! مهما كانت المسميات والأفكار سامية بالمعاني، إلا أنها ستنبت في رأسك الأسى، فهل نكمل على هذه الوتيرة من اليأس؟ لن نكمل، بل بمزج التحدي بالأمل لكسر هذا الواقع ومعالجته لنصل إلى الشفاء من أمراض السلبية والتشاؤم والتدمير. لا شيء يأتي من الدمار ولا من التطرف ولا من الذم، العصفور لو صرخت في وجهه هرب منك، السمكة لو أحدثت ضجة في محيطها هجرته، والناس في حاجة إلى التشجيع والكلمة الحلوة والعطف والحنان، وأول هؤلاء الناس هو أنت، فماذا تقول لعقلك وتهمس لمرآتك؟ ومن تعاشر والصاحب ساحب؟ ولمن تقرأ؟ ومن تتابع على التويتر؟ ومن يستفزك ومن يحبطك ومن يقول لك ما تفعل وما لا تفعل وما تقول وما لا تقول؟ فنحن في نهاية المطاف هم هؤلاء الناس ولسنا أنفسنا أبداً. توقف! عش لنفسك، كن أنانياً يا أخي، ألف مرة أناني ولا مرة مخرب ومتطفل وعصبي وقاضٍ على الناس. لقد شبعت من هذا الفكر وهربت من هذا الترف واستغنيت عن كل صديقة وقصيدة لا تملأني فرحاً وتفرشني زهوراً وتوكلني هناء وتشربني سروراً. واستغنيت عن التواصل الاجتماعي المسمى بالفيسبوك والتويتر والقنوات الفضائية والجري الدائم وراء الخبر ووراء المال، ولجأت إلى الطبيعة والبساطة ووقعت في حب نفسي وأبواب مدينتي ودروبها وسمائها وتكحلت حباً بترابها ولم أعد أرى فيها عيباً ولا في نفسي عيوباً. بل لو أنك تصدقني، أجد في نفسي قوة وعزيمة ومحبة وشغفاً لي ولكل من حولي، ولا أريد أن أغير شيئاً سوى أن أزرع ابتسامة على شفتي قبل شفتك، وأضحك قبل أن أسمع ضحكتك، وأرى ما في صحني ولا شهية عندي لما في صحنك، ولا قضية عندي اليوم أوليها جل اهتمامي سوى نفسي ومن هم في دائرة مسؤوليتي. ووعدا من هذه الساعة لا أريد تغييرك ولا تغيير المكان ولا الزمان، كفاني تغيير نفسي وبيئتي الصغيرة من حمامي مروراً بغرفة نومي وصالة جلوسي، وسأروي نبتتي وأشطف أمام بيتي وأدفع جزاء هدري للماء فداء لنظافة شارعي وعقلي وقلبي حتى تمر أيامي بسلام وهدوء وهناء. [email protected]