عندما تزدحم المساكن و تضيق الحال بالأسر و الأطفال داخل شققٍ تحاصرهم أربعة جدران، يتمنى أولئك أن يجدوا متنفساً لهم وسط أحيائهم التي غابت عنها الحدائق التنظيمية، وما لها من تأثير على حياة الأسرة والطفل، خصوصاً في فصول السنة التي تعتدل فيها درجات الحرارة، وفي أوقات العطلات والمناسبات الرسمية. أحمد محمد من سكان حي في شمال شرق جدة يقول: «حدائقنا غبراء، وهذا الأمر أصبح جلياً وملاحظاً في الأحياء السكنية ما بين جهات محافظة جدة الأربع، فبعضها تحولت من حدائق عامة إلى مواقف سيارات، وفي المقابل أخرى تحولت إلى ملاعب منظمة وملاهٍ للأطفال، أو تلك الأحياء التي تسكنها الطبقة المخملية، باستثناء أحياء كالذي أقطنه بقيت فيه الحدائق أراضي بور، لا وجود للون الأخضر فيها». ويشكو عبدالله المالكي من قلة النظافة في الحدائق العامة للأحياء، ويقول: «سميت حديقة لتكون مواقع للتنزه وترفيه الأطفال، ولكن مع الأسف لا تتوافر أي مقومات جاذبةٍ فيها، وأهمها ملاهي الأطفال وكراسٍ للجلوس». فيما يقول رياض محمد إنه استبشر خيراً في العام الماضي عندما أقرت أمانة جدة استحداث و تحسين 21 حديقة داخل الأحياء السكنية التي بدورها تسهم في الترابط الاجتماعي بين الأهالي يلتقي فيها الجيران، وأخرى للشبان والأطفال، وما سوى ذلك من وعود اتضح أنها «على الورق»، و تخصيص موازنات لم ينفذ منها شيء على الواقع، «لك أن تتخيل أن حدائق مخصصة للترفيه حُول بعضٌ منها إلى مساجد أو مصليات لأهالي الحي». البعض الآخر من السكان لم يعولوا على الأمانة كثيراً، فعملوا بجهودٍ ذاتية وبمبالغ من جيوبهم ما عجز عنه غيرهم من المسؤولين، فبحسب عبدالعزيز الزهراني الساكن في حي السنابل جنوبجدة، ردم أهالي الحي موقع الحديقة، وأنشأوا خزاناً للمياه، وعليه زرعوا نحو 300 شتلة بمبلغ مالي يقدر بحوالى 140 ألف ريال، جمعوه في سبيل الحصول على حديقة تضفي على حيهم جمال الطبيعة. إلا أن الصدمة لأولئك السكان هي أن أمانة جدة لم تعبأ بمجهوداتهم، « فشرعت في بناء مقر للتعديات بمساحة تزيد حوالى أربعة أضعاف المساحة الأصلية في خرائط الحي، وأبلغت البلدية الفرعية السكان أن أمين جدة هاني أبو راس أبلغ الجهات المعنية في البلدية بأنه ستتم مصادرة الموقع لمصلحة المقر». تابع : «زار وفد من أهالي الحي أمين جدة لإبلاغه بما حدث لكنهم فوجئوا بأنه يملي عليهم خيارات بمواقع أخرى على أن تتم مصادرة الموقع لمصلحة مقر التعديات».