في ظروف وصفها ناشطون سوريون بأنها «صعبة»، واصل وفد مراقبي الجامعة العربية إلى سورية زياراته الميدانية للاطلاع على الاوضاع الانسانية والامنية في ذلك البلد. وأوضح ناشطون وشهود ان المراقبين تحركوا في «أجواء مضطربة» واعتقالات قامت بها قوات الامن في دوما وحرستا بريف دمشق، وحماة ودرعا، ونشر حواجز أمنية وقناصة فوق المباني واطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ما ادى الى مقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً امس، قبيل وصول المراقبين. في موازاة ذلك، قالت مصادر غربية في مجلس الأمن الدولي إن عمل بعثة المراقبين «تحت الرقابة وقيد المتابعة» من قبل المنظمة الدولية، مشددة على ضرورة وصول المراقبين الى المناطق السورية كافة «بحريّة ومن دون عوائق». واكتفى رئيس بعثة المراقبين الفريق أول ركن محمد أحمد الدابي بالتشديد في اتصال مع «الحياة» على أن فرق المراقبين انتشرت في خمس مواقع أمس و «أدى المراقبون عملهم بصورة طيبة». ونفى أن يكون صرح بأن الاوضاع في حمص «هادئة»، موضحاً «لم أصرح بأن الأوضاع هادئة لا في حمص ولا في غيرها. واذا كان لدي ما أقوله في هذا الشأن، فإن ذلك سيُقال الى رئاسة البعثة (الجامعة العربية). وتابع: «هذا الأمر يحتاج الى تقويم وسيتم تقديمه الى الجامعة العربية». وقال ناشطون إن ضحايا أمس سقطوا عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص لتفريق تظاهرات في حمص وحماة ودرعا ودوما وإدلب، موضحين أن المراقبين العرب «توجهوا إلى دوما فجأة»، وسط انتقاد للبعثة وتشكيك في فائدة تحركها. واشتكى سكان في حماة ودوما من «صعوبة الوصول» إلى المراقبين، بسبب التضييق الأمني وحصار المدنيين وانتشار قناصة فوق اسطح المباني. وأظهرت لقطات بالفيديو قوات الامن وهي تُطلق النار وتعتقل عشرات المدنيين الذين حاولوا التجمع للقاء المراقبين. وقال المرصد السوري إن قتلى دوما وعددهم 6 سقطوا جراء «إطلاق الرصاص من قبل قوات الأمن على عشرات الآلاف من المتظاهرين في ساحة الجامع الكبير تزامناً مع وصول لجنة المراقبين العرب إلى مبنى بلدية دوما». وذكر المرصد أن «حوالى 30 ألف مواطن يعتصمون في ساحة المسجد الكبير في دوما التي دخلت في حالة عصيان مدني مع تراجع قوات الأمن إلى المراكز الأمنية والحكومية». ولم يعلن المراقبون العرب عن خطط لزيارة دوما امس، لكن بعض السكان قالوا إنهم شاهدوا سيارات عليها شارات الجامعة العربية. وإذا صدقت هذه الروايات ستكون هذه أول زيارة مفاجئة للفريق لكن لم يذكر أي من السكان أنه رأى أو تحدث مع مراقبين. وفي حماة، حيث وصلت أيضاً مجموعة من المراقبين، قتل ستة مدنيين على الأقل برصاص قوات الأمن بينهم فتاة في السادسة عشرة من عمرها وفتى في الرابعة عشرة من عمره. وحول عمل المراقبين العرب، قال أبو هشام وهو ناشط من المعارضة في حماة «يتمنى الناس حقاً الوصول إليهم. ليس لدينا مقدرة كبيرة على الوصول إلى الفريق». وأضاف: «الناس ينطلقون إلى الشوارع في حماة في انتظار الوفد. وهناك وجود امني مكثف كما شوهد قناصة فوق أسطح المباني». إلى ذلك قال رئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون للصحافيين عقب لقائه أمس الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مقر الأمانة العامة في القاهرة إنه استعرض مع الامين العام «ملاحظات» للمجلس الوطني تناولت عمل بعثة المراقبين. وأشار إلى أن الملاحظات «دارت حول حجم البعثة التي كان ينبغي أن تكون أكبر لأن نقاط المواجهة والعنف أكثر بكثير من عدد المراقبين الآن، كما ينبغي أن تكون لدى البعثة وسائل لوجيستية أكبر وأفضل حتى تتحرك في شكل أسرع». ونقل عن العربي تأكيدات بأن البعثة العربية «ستبقى على الأرض وفي كل المناطق ولن تترك المدن السورية خلال الأسابيع المقبلة حتى تقدم تقريرها حول تطبيق النظام السوري لبنود خطة العمل العربية». وفي نيويورك، قالت مصادر غربية في مجلس الأمن الدولي إن عمل بعثة المراقبين «هو تحت الأنظار والمتابعة»، مشددة على ضرورة وصول مراقبي البعثة الى كل المناطق السورية «بحريّة ومن دون عوائق». وأكدت المصادر ضرورة أن يُجري المراقبون «تحقيقات موثقة وذات صدقية وأن يقدموا تقريراً الى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في حصيلة عمل البعثة يعطي تقويماً سياسياً وإنسانياً وميدانياً للحال في سورية». وفيما يواصل أعضاء المجلس مداولاتهم حول مشروع القرار الروسي والتعديلات الغربية عليه، علمت «الحياة» أن فرنسا أضافت فقرة تدعو «الحكومة السورية الى ضمان حرية تحرك مراقبي البعثة العربية في كل المناطق السورية ووفق الجدول الزمني الذي تحدده البعثة نفسها، وضمان أن تجري البعثة أي اجتماعات ضرورية لأداء مهمتها، وضمان عدم معاقبة أي شخص أو عائلته بسبب التحدث الى مراقبي البعثة». واستبعد ديبلوماسي روسي ل «الحياة» أن يتوصل مجلس الأمن الى توافق على مشروع القرار المتداول في شأن سورية «قبل نهاية العام الحالي»، مشيراً الى أن المداولات مستمرة لكن المواقف في شأن مشروع القرار الروسي والتعديلات الغربية المقترحة عليه «لا تزال على حالها». وحصلت «الحياة» على نسخة من مشروع القرار مع التعديلات التي أضافها خبراء الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال والتي لا تزال روسيا متمسكة برفضها. وينص مشروع القرار وفق الصياغة الغربية على فرض عقوبات على دمشق منها «حظر أسلحة وحظر جوي من سورية واليها وحظر المعاملات التجارية» وتبني «اجراءات مستهدفة أخرى تتضمن عقوبات وحظر سفر على 19 مسؤولاً سورياً وتجميد أرصدة المصرف المركزي السوري والمصرف التجاري السوري، وفرض حظر طيران من سورية وإليها». كما يدين بشدة «الانتهاكات المستمرة والممنهجة الواسعة النطاق لحقوق الانسان والحقوق الاساسية واستخدام القوة ضد المدنيين من جانب السلطات السورية». ويدعو المشروع الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الى «تشكيل لجنة تحقيق دولية سريعاً» للتحقيق في التقارير المتعلقة بانتهاكات القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان في سورية «من جانب جميع الاطراف». ويقدم مجلس الأمن بموجب التعديلات الغربية «الدعم الكامل» لتفعيل كامل خطة عمل الجامعة العربية وبرنامجها للعقوبات».