وسط أجواء أمنية مضطربة وتظاهرات واعتصامات وهتافات مناوئة لوفد المراقبين العرب إلى سورية الذي بدأ أمس جولة ثانية تشمل حماة ومناطق في ريف دمشق ودرعا وإدلب، قال ناشطون سوريون إن ما لا يقل عن 34 شخصاً قتلوا امس عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق تظاهرات في حمص وحماة ودرعا ودوما في ريف دمشق وإدلب، موضحين أن المراقبين العرب «توجهوا إلى دوما فجأة»، وذلك وسط انتقاد للبعثة وتشكيك في فائدة تحركها. واشتكى سكان في حماة ودوما التي بدأ الوفد زيارتهما امس من «صعوبة الوصول» إلى المراقبين، بسبب التضييق الأمني وحصار المدنيين وقناصة منتشرين فوق اسطح المباني. وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية إن 34 شخصاً على الأقل قتلوا خلال مواجهات امس. فيما أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نحو 6 قتلوا في دوما، القريبة من دمشق، وستة في حماة (وسط) مع وصول مراقبي الجامعة العربية إلى هاتين المدينتين. كما قتل مدنيان اثنان في عربين ومدني في الكسوة وثلاثة مدنيين في معضمية الشام وكلها أحياء في ريف دمشق. وكان المرصد السوري أشار في وقت سابق إلى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة اكثر من عشرين متظاهراً في دوما «اثر إطلاق الرصاص من قبل قوات الأمن السورية على عشرات الآلاف من المتظاهرين في ساحة الجامع الكبير بمدينة دوما» على بعد 20 كلم شمال دمشق. وأضاف البيان أن إطلاق النار جرى «تزامناً مع وصول لجنة المراقبين العرب إلى مبنى بلدية دوما». كما أفاد المرصد عن «محاصرة النساء داخل جامع» في كفر سوسة، مشيراً إلى «سماع صوت إطلاق رصاص كثيف في حي الحجارية» في المدينة وإصابة خمسة مواطنين بجراح. وذكر المرصد أن «نحو 30 ألف مواطن يعتصمون في ساحة المسجد الكبير في دوما التي دخلت في حالة عصيان مدني مع تراجع قوات الأمن إلى المراكز الأمنية والحكومية». وفي ريف دمشق أيضاً، تحدث المرصد عن مقتل مدنيين اثنين في عربين ومدني في الكسوة وثلاثة مدنيين في معضمية الشام. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري إن النشطاء في دوما دعوا إلى عصيان مدني كامل. وأضاف أنه تم إغلاق الطرق والمتاجر وأصيبت الحركة في المدينة بالشلل. ولم يعلن المراقبون العرب عن خطط لزيارة دوما امس، لكن بعض السكان قالوا إنهم شاهدوا سيارات عليها شارات الجامعة العربية. وإذا صدقت هذه الروايات ستكون هذه أول زيارة مفاجئة للفريق لكن لم يذكر أي من السكان أنه رأى أو تحدث مع مراقبين. وفي حماة (210 كلم شمال دمشق) حيث وصلت أيضاً مجموعة من المراقبين، قتل ستة مدنيين على الأقل برصاص قوات الأمن بينهم فتاة في السادسة عشرة من عمرها وفتى في الرابعة عشرة من عمره، وفق المرصد الذي أورد أن قوات الأمن قامت أيضاً باعتقال عدد من الجرحى في مستشفى خاص. أما في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، فقتل خمسة مدنيين وفق المرصد «اثنان منهم برصاص معسكر المسطومة وثالث قتل في خان شيخون واثنان آخران في مدينة معرة النعمان». وفي حمص، قتل أربعة مدنيين بإطلاق رصاص من جانب قوات الأمن السورية وفق المصدر نفسه. إلى ذلك قال ناشطون وسكان إن مدينة حمص بدت امس شبه خالية ترقباً لأول جمعة منذ وصول المراقبين العرب الذين قاموا بزيارة إلى احد المواقع التي تعرض فيها أفراد من الأمن لإطلاق النار. وحول عمل المراقبين العرب في المدينة قال ناشطون، إن 6 منهم بقوا في المدينة، بينما توجه الآخرون إلى مدينة حماة. ونفى أن تكون للمراقبين أي مرافقة إعلامية أو أمنية، لكن الأمن يفتح أمامهم الطرق للدخول إلى المناطق الساخنة في المدينة. وذكر أن شرطياً أصيب بطلقات نارية امس وهو يعمل لإفساح الطريق أمام المراقبين العرب. وعن جولات المراقبين امس، قال ناشطون ومعارضون إن وفود المراقبين توجهت كما كان مقرراً إلى درعا (جنوب) وحرستا، بمحافظة دمشق، وحماة. وأفاد ناشطون إن المراقبين تحدثوا مع مدنيين حول الأوضاع الأمنية، كما استمعوا إلى شكاوى السكان. وذكر احد الناشطين أن سكاناً في ريف دمشق انتقدوا مراقبي الجامعة لأنهم يتحركون بالتنسيق مع السلطات السورية وليس مع ناشطين أو حقوقيين مستقلين. وقال أبو هشام وهو ناشط من المعارضة في حماة «يتمنى الناس حقاً الوصول إليهم. ليس لدينا مقدرة كبيرة على الوصول إلى الفريق. لم يعد الناس يؤمنون بأي شيء الآن. الله وحده في عوننا». وأضاف «الناس ينطلقون إلى الشوارع في حماة في انتظار الوفد. وهناك وجود امني مكثف كما شوهد قناصة فوق أسطح المباني». وقال مسؤولون في جامعة الدول العربية امس إنهم يواجهون صعوبات في الحديث مع المراقبين لأن خطوط الاتصال سيئة. كما قال مصدر في مركز العمليات التابع لبعثة الجامعة العربية في القاهرة إن هناك مشكلة في الاتصالات لكن جدول أعمال المراقبين ما زال قائماً. وتابع: «اتصلنا بفريقنا... لن تتغير خطة اليوم والمشكلة الوحيدة التي واجهناها اليوم هي تدني الاتصالات الهاتفية.. ما جعل اتصالنا بالمراقبين أضعف. استغرق الوصول إليهم وتحديد مواقعهم وقتاً أطول». واعتبر مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن امس أن «مبادرة الجامعة العربية هي الضوء الوحيد في الليل المظلم الآن»، مضيفاً «لا نريد أن نصدر الأحكام المسبقة قبل أن تنتهي مهمة الجامعة». وأكد أن «مجرد وجود اللجنة في حمص كسر حاجز الخوف عندما استقبلت بتظاهرة حاشدة مناهضة للنظام ضمت نحو سبعين ألف شخص». في موازاة ذلك، قالت سورية أمس إنها تقدم للمراقبين العرب كل التسهيلات التي يحتاجونها في مهمتهم. وقال جهاد مقدسي الناطق باسم وزارة الخارجية السورية في رسالة بالبريد الإلكتروني: إن المراقبين يحصلون على كل التسهيلات التي يحتاجونها من دون استثناء وإن هذا واضحاً في البيانات الإيجابية التي يدلي بها رئيس بعثة المراقبين السوداني الجنسية. وقال مقدسي إن: نجاح بعثة الجامعة العربية في مهمتها لإظهار حقيقة الأزمة السورية هو قطعاً مصلحة حيوية لسورية. وكان رئيس البعثة اللواء مصطفى الدابي قال إن الحكومة السورية التي تصاحب المراقبين تتعاون في شكل جيد معهم.