أظهر حفل لتأبين الأمين العام لدار الإفتاء المصرية الشيخ عماد عفت الذي قُتل وسط حشد من المتظاهرين في المواجهات مع قوات الجيش أمام مقر مجلس الوزراء في قلب العاصمة قبل أسبوعين، اتساع الفجوة في العلاقة بين القوى الثورية وجماعة «الإخوان المسلمين» التي تتصدر نتائج الانتخابات البرلمانية، على خلفية رفض الجماعة المشاركة في تظاهرة الأسبوع الماضي ضد انتهاكات العسكر. وكان مشاركون في الحفل الذي أقامته مساء أول من أمس نقابة الصحافيين لتأبين الشيخ عفت، رفضوا إلقاء الناطق باسم «الإخوان» الدكتور محمود غزلان كلمة، ورددوا هتافات ضد جماعته، فنزل غزلان غاضباً من المنصة استعداداً لمغادرة قاعة الاحتفال، قبل أن يتدخل القيادي «الإخواني» عضو مجلس نقابة الصحافيين محمد عبدالقدوس لتهدئة الموقف، ويعود غزلان مجدداً إلى المنصة، لكنه أعرب عن غضبه من تعرضه للنقد، معتبراً أن ما حصل «لا يمت للديموقراطية بشيء». ومنذ وقوع اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين في شارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير، تتعرض جماعة «الإخوان» لهجوم لاذع من جانب الثوار، لغيابها عن مساندتهم وهجومها عليهم في بعض الاحيان. وكثيراً ما ردد المتظاهرون هتافات ضد الجماعة، وشكك بعضهم في شرعية البرلمان المقبل الذي اعتبروا أنه «انتخب على دماء الناس». وعزز الانتقادات للجماعة تقدُّمُ ثلاثة من أعضائها، بينهم قيادي، بلاغاً إلى النائب العام يتهم حركة «الاشتراكيين الثوريين» ب «السعي إلى هدم الدولة»، في تكرار واضح لاتهامات وجهها قريبون من المجلس العسكري إلى الحركة وقوى ثورية أخرى. وتراجع مقدمو البلاغ تحت ضغط انتقادات استنكرت تجاهلهم تاريخ العمل المشترك بين الجماعة والحركة. وكان عشرات من المشاركين في التأبين رددوا هتافات ضد «الإخوان» وغزلان خلال الحفل، بينها: «اطلع بره مش عايزينك»، و «مش عاوزين إخوان»، وكاد الأمر يتطور إلى تشابك مع الناطق باسم الجماعة، غير أن عدداً من الشباب حاولوا تهدئة زملائهم الغاضبين. وتدخل عبدالقدوس، مؤكداً أن غزلان «رمز وطني، وله مواقف وطنية كثيرة». واعتبر عبدالقدوس أن «هناك مندسين في الحفل ينتمون إلى الحزب الوطني المنحل يريدون إفساده»، لتنتقل الكلمة إلى زوجة الشيخ عماد عفت التي علَّقت على الحادث بالتأكيد على «ضرورة أن نستمع للجميع». وأضافت أن زوجها «كان يرد على الرأي بالرأي، ويستمع ويتكلم بالعقل، ومن هذا المنطلق، لا بد أن نسمع لغزلان». وعاد غزلان مجدداً إلى المنصة لإلقاء كلمة هاجم فيها المعترضين على وجوده، قائلاً إن «الجميع يدعي احترام الديموقراطية والرأي الآخر، وهذا غير موجود»، وأضاف أن «الإخوان المسلمين نزلوا ميادين كثيرة ولم يكن أحد معهم». ورفض الهجوم الذي تتعرض له جماعته ورأى أن «البعض يترصد للإخوان المسلمين». وتابع: «نحن دائماً في الميادين... وعندما ننزل يتهمنا البعض بالسعي إلى عرض العضلات، وحين نتوقف عن المشاركة يتهموننا بالخيانة». وفي رد ضمني على الاتهامات لجماعته بعقد صفقة مع المجلس العسكري الحاكم، شدد على أن «الإخوان أكبر بكثير من أن يقودهم شخص هنا أو هناك... نحن نتحرك وفقاً لسياسة واضحة معلومة للجميع، هدفها الأول تحقيق مطالب الشارع والمواطن البسيط الذي لا يجد من يعبر عنه». وبعدها غادر القاعة، تاركاً وراءه عاصفة من التساؤلات عن مستقبل العلاقة بين «الإخوان» والقوى الثورية.