انتقد القيادي في حزب «التقدم والاشتراكية» سعيد السعدي انضمام حزبه إلى التحالف الحكومي الذي يقوده حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي. واعتبر مشاركته في الحكومة المقبلة «خروجاً عن قرارات مؤتمرات الحزب» التي رهنت أي تحالف بالانحياز إلى «الكتلة الديموقراطية» وتنظيمات اليسار والحداثة، وليس إلى الإسلاميين. وقال السعدي، الذي عُرف بمواقفه المناهضة للتيارات الإسلامية، بخاصة على خلفية الصراع حول خطة دمج المرأة المغربية في التنمية، إنه ومناصروه يحتفظون بموقفهم إزاء هذه التطورات. لكن قيادياً آخر في «التقدم والاشتراكية» يدعم خيار المشاركة، رد قائلاً إن موقفه زميله يناقض قرارات اللجنة المركزية للحزب التي صوّتت لمصلحة المشاركة في الحكومة التي سيرأسها زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران، ووصف الموقف المعارض بأنه «طائش». ويُرجّح مراقبون أن يكون لهذا الجدل تداعيات، علماً أن الموقف الرافض للمشاركة في الحكومة لم يُحرز دعماً قوياً في اللجنة المركزية ل «التقدم والاشتراكية»، بل مثّل موقف الأقلية، بحسب قول مشاركين في الاجتماع. وعلى الضفة الأخرى لهذا الحراك الذي يبدو أنه لا يتوقف، اختارت أحزاب صغيرة دعم حكومة بن كيران من دون المشاركة فيها، ما يفيد بأنها ستحصل على غالبية مريحة في البرلمان على رغم اقتصار الائتلاف على أربعة أحزاب هي «العدالة والتنمية» و «الاستقلال» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية». وأمام بدء العد العكسي للإعلان عن أول حكومة يقودها حزب إسلامي في فترة ما بعد إقرار دستور الأول من تموز (يوليو) الماضي، والمقرر أن يعرض رئيس الحكومة المعيّن قائمتها على العاهل المغربي الملك محمد السادس، ذكرت مصادر حزبية أن مجلس النواب المنتخب في اقتراع 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، سيبدأ أعماله الأسبوع المقبل. وسيكون انتخاب رئيس مجلس النواب ورؤساء اللجان الدائمة والإعلان عن الكتل النيابية في مقدم جدول أعمال المجلس. وانتقدت أصوات في المعارضة الإعلان المسبق عن المرشح لمنصب رئيس المجلس كون ذلك يناقض الطابع الديموقراطي في التصويت على الرئيس المنتخب من طرف النواب. إلا أن قيادياً في «العدالة والتنمية» رد بأن الأمر يطاول التنسيق في اختيار مرشح مشترك وليس الإعلان عن انتخابه الذي يبقى من صميم مسؤوليات النواب. لكن صحيفة «الاتحاد الإشتراكي» المعارض استبقت هذا الاختيار، وتساءلت إن كان وزير تصريف الأعمال في قطاع التجهيز والنقل كريم غلاب حاز قطعة أرض على الساحل جنوب العاصمة الرباط في ظروف يشوبها الغموض. إلا أن مصادر قريبة إلى الوزير المرشح لرئاسة مجلس النواب نفت أن يكون حاز قطعة الأرض المزعومة من خلال موقعه وزيراً في الحكومة. وامتد جدل مواز إلى العلاقة بين رئيس الحكومة المنتهية ولايته عباس الفاسي، زعيم حزب «الاستقلال»، ووزير المال والاقتصاد صلاح الدين مزوار رئيس «تجمع الأحرار». وتبادل الرجلان اتهامات صريحة حول المسؤولية عن بعض التجاوزات التي شابت حملات المنافسة الانتخابية. ودعا بعضهم إلى فتح تحقيق حول هذه الاتهامات التي يعتقد أنها تعكس جوانب المرارة التي لحقت ببعض الأوساط جراء التحالفات الجديدة في حقبة ما بعد الانتخابات. وفيما طلبت صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» من زعيم «الاستقلال» عباس الفاسي تحديد موقفه بعدما نُقل عنه قوله إن الحزب الذي كان يشارك معه في الحكومة «ذهب الى الاستجمام» بعدما قرر الانتقال إلى المعارضة، ردت صحيفة «العلم» الناطقة باسم «الاستقلال» بأن كلمة الفاسي اقتطعت من سياقها، وشددت على أهمية التحالف الذي كان قائماً بين مكونات «الكتلة الديموقراطية»، أي «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» و «التقدم والاشتراكية». ولوحظ في هذا الإطار تشديد حزب «الاستقلال» على أهمية استمرار الروابط الوثيقة بين أطراف الكتلة. من جهة أخرى، أعلن حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي اختار معارضة حكومة بن كيران، أنه سيعقد مؤتمره الثاني في شباط (فبراير) المقبل. سيكون أول لقاء يغيب عنه مؤسسه فؤاد عالي الهمة الذي أصبح مستشاراً للملك محمد السادس، وحظي تعيينه بترحيب من أشد خصومه وفي مقدمهم «العدالة والتنمية» الذي أقر فتح صفحة في علاقاته بمستشار الملك. وتوقعت مصادر أن ينزع تيار في «تجمع الأحرار» إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر طارئ للحزب في ضوء النتائج التي حققها في الانتخابات التي لم يحرز فيها الحزب النتيجة التي كان يتوخاها وهي تصدر لائحة الفائزين. ويبدو في هذا الإطار، أن «الاتحاد الدستوري» الذي كان قد انضم إلى تحالف من ثمانية أحزاب بقيادة «تجمع الأحرار»، في طريقه إلى فك ارتباطه بذلك التحالف.