رحب الفقيه الإسلامي الدكتور عبدالله بن بيه بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى التحول من مرحلة التعاون إلى الوحدة الخليجية، وقال: «إن الوحدة العربية والإسلامية هي مطمح، وهدف ترنو إليه العيون وتشتاق إليه القلوب، ودعوة خادم الحرمين الشريفين إلى الوحدة أمر لا يمكن إلا أن يرحب به جميع المخلصين من أبناء الأمة». واستفاض بن بيه في ذكر محاسن الوحدة، على اعتبار أنها مقصد شرعي ومتطلب عقلي، وأنها لم تعد حاجةً ماسة، بل ضرورة حاقة، «لأن ديننا الإسلامي يدعونا إلى التعاون بقوله تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، ويدعونا إلى الوحدة كما في قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، فكلما كانت الوحدة قوية كالبنيان المرصوص، وكثيفةً أيضاً، كانت ملائِمة لمقاصد الشريعة، كما في الحديث الصحيح أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه قال - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم جماعة المسلمين، وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)، ومعنى ذلك أنه كلما زاد أعضاء الفريق كان أفضل وكان ملائماً لمقاصد الشريعة». ويضيف: «جميع العقلاء يرون أنه كلما تقوت الوحدة كان أعضاؤها أقدر على مواجهة التحديات، فالوحدة العربية والإسلامية مطلوبة، ولكنها بالنسبة لهذه المنطقة بالذات تزداد ضرورة لأسباب، منها وجود الحرمين الشريفين في هذه المنطقة وهما مهوى أفئدة الأمة، وكثافة الطاقة في هذه الرقعة من الأرض وهي مهوى أفئدة الطامعين، ما يجعل المنطقة عرضةً دائماً إلى طموح الطامحين ومطمع الطامعين، وسببٌ آخر وهو أن هذه المنطقة يُتخطف الناس من حولها، وهو ما نراه اليوم من تحديات التدخلات الأجنبية من أكثر من جهة المتزامنة مع الربيع العربي، وهي كالنيران التي تحف المنطقة، وتحتم على أهلها الحد الأدنى من الوحدة ومن العمل الذي يصب في مصالحهم ومصالح الأمة الإسلامية». أما مشاريع الوحدة التي شهدها العالمان العربي والإسلامي في العقود الماضية وباءت بالفشل، فيستثني بن بيه منها الاتحاد المغاربي الذي يرى أنه «حافظ على الحد الأدنى من شعرة معاوية، فما زالت بعض المؤسسات قائمة، ونأمل أن تحيا من جديد، فشعوب المنطقة العربية متعطشة للوحدة، لكن كانت هناك انتكاسات في الماضي، نسأل الله أن يعين على التغلب عليها، ونتمنى أن يغلب أهل المغرب العربي العقلانية التي تدعوهم للقيام بعمل أفضل مما قاموا به». وفي الحالة الخليجية، يشير بن بيه إلى أن دول مجلس التعاون لم تندمج بسرعة، وظلت مرحلة طويلة في حال تنسيق واجتماع مستمر، مع أن كل الأسباب والدواعي والمشتركات تدعوها للاندماج، بسبب خوفها من الفشل الذي صاحب مشاريع الوحدة العربية السالفة، «لكن أرى أنه إذا هُيِّئت الأرضية الحكومية والشعبية والعقلية فأعتقد أن الأمر سيكون متاحاً، كل ما هو مطلوب أن يكون مخطط الاتحاد قوياً ومتماسكاً، بحيث لا يقوم على أرباح سياسية رخيصة وعواطف بل على وحدة تراعي الزمان والمكان وتحفظ للجميع مصالحهم بشراكة عاقلة يدعو لها ديننا الإسلامي».