في أول اختبار أمني حقيقي بعد انسحاب القوات الأميركية، شهدت بغداد أمس سلسلة هجمات ب11 سيارة مفخخة وعبوات ناسفة استهدفت أحياء شيعية، وأوقعت أكثر من 250 عراقياً بين قتيل وجريح. وحض رئيس الوزراء نوري المالكي العراقيين على الوقوف إلى جانب قوات الأمن وعلى المحافظة على وحدة الصف، فيما أعلنت قيادة العمليات في الفرات الأوسط حظراً للتجول في الحلة، بعد تلقيها معلومات عن تسلل سيارات مفخخة إليها. ودانت بعثة الأممالمتحدة في العراق الهجمات. وشهدت بغداد أمس سلسلة هجمات استهدفت غالبيتها تجمعات مدنية في مناطق شيعية وبدأت في ذروة الحركة صباحاً عند السابعة والربع. وانفجرت سيارتان مفخختان في حي الكرادة استهدفت الأولى تقاطعاً مرورياً قرب جسر من طابقين، واقتحمت الأخرى البوابة الرئيسية لأحد المكاتب الفرعية لهيئة النزاهة. وهزّت الانفجارات مناطق الشعلة، حيث استهدفت سيارة مفخخة سوقاً لبيع الخضار ومطعم الحجي، وهي منطقة مزدحمة، كما هوجمت منطقة العلاوي التي تضم المرأب الرئيسي لمحافظات الشمال قرب «سينما بغداد». وانفجرت 3 عبوات في تجمع للعمال في حي أبو دشير، ما دفع المدارس القريبة إلى إغلاق أبوابها أمام الطلاب، وتعرض حي الشعب المعظم لهجمات متزامنة. وأعلنت مصادر طبية عراقية أمس أن حصيلة الهجمات حتى الظهر كانت 64 قتيلاً و194 جريحاً جميعهم من المدنيين. وتأتي الهجمات في ظل احتقان سياسي، على خلفية اتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالضلوع في الإرهاب. إلى ذلك، قال اللواء قاسم عطا الناطق، باسم العمليات في بغداد أمس إن «العاصمة تعرضت اليوم (أمس) إلى 16 هجوماً طاولت المدنيين، بينها 11 سيارة مفخخة تم إجهاض 5 منها، واحدة في منطقة الحارثية وأخرى في حي الشعب حيث تم تفجيرهما من قبل فرق مكافحة المتفجرات بعد تدقيق لوحات عدد من السيارات المتوقفة في هذه المناطق وتبين أنها مسروقة. وأضاف: «أما العبوات فكانت اثنتان منها لاصقة في حين تم تفجير الثلاثة الأخريات قرب تجمعات للعمال ومدارس في مناطق مختلفة»، وزاد: «نحن على دراية بأن النصف الثاني من العام الجاري سيشهد تصعيداً أمنياً لاعتبارات عدة، منها استحقاقات الاتفاق الأمني بين العراق وأميركا وانتهاء آخر مرحلة منه، أي الانسحاب الكامل ليبعث الإرهابيون من خلالها رسائل إلى المواطنين تشكك بقدراتنا الوطنية في إدارة الملف الأمني». وأكد أن «قواتنا بكل صنوفها ومؤسساتها قادرة على مواجهة تحديات أكبر وأكثر من حوادث اليوم (أمس)». وحض المالكي «رجال الدين جميعاً والسياسيين والأحزاب ورؤساء العشائر والقوى الوطنية الخيرة على تحمل مسؤوليتها في هذا الظرف الدقيق، والوقوف إلى جانب القوات الأمنية وتعزيزها بالمعلومة الصحيحة والمساندة والمحافظة على وحدة الصف». ولفت إلى أن «توقيت هذه الجرائم واختيار أماكنها يؤكد مرة أخرى لكل المشككين الطبيعة السياسية للأهداف التي يريد هؤلاء تحقيقها من خلال الجريمة وقتل الأبرياء العزل ومحاولاتهم خلط الأوراق على أمل الوصول إلى تلك الأهداف»، وتابع أن « المجرمين ومن يقف وراءهم لن يستطيعوا تغيير مسار الأحداث والعملية السياسية أو الإفلات من العقاب الذي سيواجهونه إن عاجلا أو آجلاً». ودعا المالكي الأجهزة الأمنية وقوات الجيش إلى «تشديد إجراءاتها والقيام بواجبها بأقصى درجات الانضباط لحماية المواطنين والعمل على سد الثغرات التي ينفذ منها هؤلاء القتلة، كما أدعوهم إلى عدم الانجرار إلى ردود فعل يحاول المجرمون دفعهم إليها لتحقيق أهدافهم الخبيثة». وأعلنت قيادة العمليات في الفرات الأوسط حظراً للتجول في مدينة الحلة، بعد وقوع هجمات بعبوات ناسفة شمال المحافظة وورود معلومات استخبارية عن تسلل 4 سيارات مفخخة إلى المدينة، كما استنفرت الحكومة المحلية في محافظة الناصرية أجهزتها الأمنية عقب سلسلة تفجيرات في العاصمة. ودانت بعثة الأممالمتحدة في العراق الهجمات. وقال رئيس البعثة مارتن كوبلر في بيان إن «هذه الجرائم الفظيعة التي ترتكب بحق الشعب العراقي يجب أن تتوقف إن كان لهذا البلد أن يحقق المستقبل المزدهر والآمن الذي يستحقه شعبه»، داعياً الشعب إلى «الثبات في وجه محاولات عرقلة سعي العراق للحصول على مستقبل أفضل»، ودعا قادة البلاد إلى «العمل بصورة عاجلة ومسؤولة ومتحدة للاضطلاع بمسؤولياتهم من أجل إنهاء العنف وحماية المواطنين». وأكد «التزام الأممالمتحدة مساعدة العراق، حكومة وشعباً، في سعيه لبناء هذا البلد كي يسوده السلام والديموقراطية والازدهار». وقال رئيس البرلمان أسامة النجيفي إن التفجيرات: «تستهدف اللحمة الوطنية واستغلال الأوضاع الراهنة بتمزيق وحدة الشعب»، وحض الأطراف السياسية على «العمل من أجل تفويت الفرصة على أعداء العراق والوقوف في وجه كل من يحاول زرع بذور الفتنة والبغضاء بين أبناء الشعب العراقي».