أعاد استهداف الكنائس في العراق لليوم الثاني على التوالي قضية استهداف المسيحيين في العراق والأطراف التي تقف وراءها الى الواجهة، وتعرضت كنيسة أخرى أمس في الموصل لهجوم بسيارة مفخخة وهي السادسة خلال أقل من 48 ساعة. وفيما أعلنت وزارة الداخلية أنها اتخذت إجراءات أمنية لحماية الكنائس في أنحاء البلاد، حمّلت أطراف وقوى مسيحية الحكومة وأجهزة الأمن مسؤولية الهجمات في الموصل وبغداد. وقالت إن هدفها تهجير المسيحيين من العراق. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف ل«الحياة» إن «التفجيرات التي تعرض إليها عدد من الكنائس في بغداد والموصل تهدف الى زعزعة الثقة في أجهزة الأمن العراقية. وتسعى الأطراف التي نفذتها إلى زرع الفرقة»، لافتاً الى «اتخاذ إجراءات أمنية مكثفة في كل المدن العراقية لحماية الكنائس وأماكن وجود المسيحيين». وأضاف أن «قوات الشرطة المنتشرة في البلاد ستتولى حماية الكنائس للحيلولة دون حدوث استهدافات جديدة»، مشيراً الى أن «لجان تحقيقية ستشكل لمتابعة ما حدث، على أن تعلن النتائج لاحقاً». وقال إنها «ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها الكنائس في العراق». وتعرضت أمس كنيسة في الموصل التي تقطنها أقلية مسيحية كبيرة، الى تفجير، ما دفع سلطات الأمن إلى فرض حظر جزئي للتجول في أحياء الحمدانية وتلكيف ذات الغالبية المسيحية تحسباً لأي اعتداء. وكانت أربع كنائس في بغداد تعرضت أول من أمس لتفجيرات بعبوات وقنابل أدت إلى مقتل أربع أشخاص وحوالى 32 جريحاً. كما تعرضت كنيسة أخرى ليل السبت الماضي لهجوم من دون وقوع إصابات. وقال النائب المسيحي الوحيد في البرلمان يونادم كنا ل«الحياة» إن «التفجيرات التي طاولت الكنائس تستهدف ترهيب المسيحيين ودفعهم الى ترك البلاد»، لافتاً الى أن «هذه الهجمات تضاف الى الهجمات السابقة التي تعرضت لها الكنائس والمسيحيون في العراق». وشدد على «ضرورة اتخاذ إجراءات لضمان عدم استمرار الهجمات لأن الوضع السياسي في البلاد غير مستعد لأزمة جديدة». وزاد أن هذه التفجيرات تسعى الى إطاحة المكتسبات الأمنية التي حققتها قوات الأمن بعد الانسحاب الأميركي من المدن، وتسلم قوات الجيش والشرطة المهام الأمنية». وشدد على «ضرورة الحذر والحيطة في الأيام المقبلة». موجة استنكار وأعربت قوى وأطراف سياسية ودينية إسلامية ومسيحية عن شجبها لتفجيرات الكنائس. وأكد المجلس الكلداني الأشوري في العراق في بيان أن «الهجمات الأخيرة حملة إرهابية جديدة من قوى الجهل والظلام، بعدما استهدفت ست كنائس في بغداد بعمليات التفجير بعبوات وسيارات مفخخة، وكذلك باستشهاد أحد أبناء شعبنا الذي يشغل منصب مدير في دائرة الرقابة المالية في كركوك على أيدي الإرهابيين». وأضاف البيان «إننا في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري في وقت نستنكر ونشجب هذه الأعمال البربرية، نحمّل الحكومة العراقية مسؤولية ما حدث في حق أبناء شعبنا وكنائسنا وخصوصاً أن هذه العمليات كانت منظمة وحدثت في وقت واحد، ولا سيما أن الحكومة العراقية تولت الآن حماية المدن بعد انسحاب القوات الأميركية منها». ودان «الحزب الإسلامي العراقي» التفجيرات، واعتبرها «جريمة تستهدف أماكن العبادة ومن بينها الكنائس وتعبر عن إفلاس قوى الظلام والجريمة التي لا تراعي حرمة لا للإنسان ولا لدور العبادة». واعتبر أن هذه التفجيرات «جاءت في سياق مؤامرة كبيرة ضد الشعب العراقي لتكون هذه الجريمة حلقة من سلسلة تقف وراءها أجندة خبيثة الهدف منها إشعال نار الفتنة وإبقاء دوامة العنف تدور في هذا البلد الجريح». وحض بطريرك الكلدان مار عمانوئيل دلي العراقيين على التوحد وعدم الانجرار وراء العنف مجدداً للحفاظ على أمن بلادهم وسلامتها. وقال: «نأسف غاية الأسف للهجمات الأخيرة التي استهدفت دور العبادة في العراق وخلفت عشرات الضحايا، وما نرجوه من العراقيين أن يكونوا صفاً واحداً ويداً واحدة للحفاظ على أمن وسلامة البلاد، وأن يعملوا بكل ما بوسعهم من أجل تحقيق خير وازدهار الوطن ليصبح مثار فخر واعتزاز لهم». وأضاف: «استنكرنا ونستنكر التفجيرات بالعبوات والسيارات المفخخة التي طاولت الجوامع والمساجد والكنائس في الآونة الأخيرة، ونشد على أيدي العراقيين لعدم الانجرار وراء العنف مجدداً». واستنكر نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي «بشدة الهجمات الإرهابية التي استهدفت عدداً من الكنائس في بغداد والموصل». وأكد في بيان صدر عن مكتبه أمس «أهمية التصدي في قوة وحزم للمجموعات الإرهابية وإفشال مخططها الإجرامي بإثارة الصراعات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية في البلاد من خلال استهداف مكونات وطوائف ورموز الشعب العراقي». يذكر أن عدد المسيحيين في العراق كان يقدر قبل الغزو الأميركي في آذار (مارس) عام 2003، بحوالى مليون مواطن، لكن أعمال العنف التي طاولتهم خلال السنوات الست الماضية أدت إلى مغادرة حوالى 300 ألف منهم ولجوئهم إلى دول الجوار والدول الأوروبية. وكانت الموصل شهدت في أيلول (سبتمبر) الماضي سلسلة هجمات استهدفت العائلات المسيحية فيها، ما أدى إلى نزوح أكثر من ألفي عائلة إلى أطراف المدينة والمحافظات الأخرى، لكنها عادت بعدما أرسلت الحكومة العراقية قوات إضافية من بغداد لحماية المسيحيين هناك. كما شهدت كركوك موجة من الهجمات المماثلة ضد المسيحيين قبل شهور. وفي الموصل أيضاً، ذكرت الشرطة أن قنبلة مثبتة في سيارة قتلت جندياً عراقياً خارج نوبة عمله. وأفادت أن عبوة مزروعة على الطريق انفجرت قرب مسجد شيعي مهجور وأصابت ثلاثة أطفال في شرق المدينة. وفي العاصمة العراقية، ذكرت مصادر أمنية أن عبوة مزروعة على الطريق استهدفت دورية تابعة للشرطة وقتلت شرطياً وأصابت عشرة أشخاص بينهم أربعة من رجال الشرطة في حي الكرادة وسط بغداد. وأفادت الشرطة أن قنبلة مثبتة في سيارة قتلت السائق وأصابت أربعة أشخاص أمس في حي السيدية جنوب بغداد.