رفض المجلس العسكري في مصر الاتهامات له باستخدام «القوة المفرطة» في أحداث مجلس الوزراء التي قُتل فيها 12 متظاهراً وأصيب مئات. وأكد أن الحديث عن لجوء الجيش إلى العنف «باطل»، لكنه أقر ب «تجاوزات» قال إنها محل تحقيق. وفي حين انحسرت الاشتباكات نهاراً في شارع الشيخ ريحان بفعل الحواجز الخراسانية التي نصبها الجيش بعد ليلة دامية عند الفجر في ميدان التحرير، تحدث عضو المجلس العسكري اللواء عادل عمارة في مؤتمر صحافي أمس، عن «مخطط يتم تدبيره في ميدان التحرير لحرق مجلس الشعب» (الغرفة الأولى في البرلمان)، معتبراً أنه «جزء من مخطط أوسع لإحراق البلاد». وبدأ نواب منتخبون وممثلون لقوى سياسية اعتصاماً مفتوحاً أمام دار القضاء العالي في وسط القاهرة من أجل تقديم المتورطين في التجاوزات التي شهدتها الأحداث من العسكريين والمدنيين لمحاكمة يُعهد بها إلى قاضي تحقيق مستقل. وحمل عمارة في المؤتمر الصحافي كثيراً على وسائل الإعلام التي اعتبر أن بعضها «يشارك في مخطط لإثارة الفتن، ليس ضد المجلس الأعلى بل ضد الدولة بغرض إسقاطها»، لكنه أكد «الجيش لن يصطدم أبداً بالشعب كما حدث في بعض الدول العربية». وشدد على «وجود عناصر في الداخل والخارج تشارك في هذه المؤامرة». وخلال المؤتمر الصحافي قدم ضابط في الجيش ورقة لعمارة، فأوقف سؤالاً لصحافية وقال إنه حصل للتو على «معلومات بوجود مخطط لحرق مجلس الشعب»، وهو الأمر الذي أثار غضب المتظاهرين، وتساءلوا عن كيفية الوصول إلى مقر البرلمان المحاصر بالحواجز الخرسانية. وبرر عمارة تباطؤ الجيش في إطفاء حريق المجمع العلمي، بأن «المتظاهرين اعتدوا على سائق سيارة الإطفاء ومنعوه من القيام بعمله». وقال: «لا يجب أن يتصور أحد أن ضبط النفس من قوات الجيش هو ضعف، ولكنه إدراك لمصالح الوطن والمساس بأفراد الجيش ومنشآته ومعداته خط أحمر... يجب ألا يظن مخطئ أننا لن نتصدى له بكل قوة». واعتبر أن المتظاهرين «يمارسون عنفاً ممنهجاً ضد جنود الجيش والشرطة ضمن مخطط لنشر الفوضى». ودافع عن تصرف الجيش خلال أحداث مجلس الوزراء، محملاً المتظاهرين مسؤولية تفجرها، لكنه أقر بتجاوزات، خصوصاً الصورة التي نشرت لجنود يسحلون فتاة بعد تعريتها من غالبية ملابسها. وقال إن هذه الواقعة حدثت وهي محل تحقيق، معرباً عن أسفه إزائها، لكنه قال: «قبل السؤال عن هذه الصورة يجب السؤال عن الظروف التي سببت هذا المشهد». وعرض عمارة خلال المؤتمر شريطاً مصوراً لأشخاص يرشقون قوات الجيش والشرطة بالحجارة ويلقون زجاجات حارقة على المنشآت العامة في شارع قصر العيني، وإفادات كان معظمها غير واضح لموقوفين غطت الدماء وجوه معظمهم وكان بينهم أطفال، بأنهم تم تحريضهم للهجوم على الجيش، ومشاهد لإصابة جنديين. وكان الهدوء ساد منطقة الاشتباكات بعد نصب الحواجز الخرسانية التي اعتلاها بعض المتظاهرين لمحاولة إثارة الجنود خلفها، لكن آخرين أثنوهم عن الاستمرار في ذلك ومنعوهم من إلقاء الحجارة خلف الأسوار. وأوقف متظاهرون أشخاصاً بحوزتهم رجاجات حارقة اعترفوا بأنهم كانوا ينون استخدامها لمهاجمة المتحف المصري القريب من الميدان. وشهد ميدان التحرير حالاً من الاستنفار بعد ما تردد عن اعتزام عدد من البلطجية مهاجمة الميدان لإخلائه. سياسياً، اجتمع نواب منتخبون وسياسيون من أجل البحث في سبل حل الأزمة، وقرروا الدخول في اعتصام مفتوح أمام دار القضاء العالي لحين تنفيذ مطالبهم. وبين المعتصمين النائبان عمرو حمزاوي ومصطفى النجار والقيادي في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، الدكتور محمد البلتاجي والفنانة تيسير فهمي والناشط جورج إسحاق والقيادي في «الحزب الديموقراطي الاجتماعي» فريد زهران ورئيس حزب «التحرير» مايكل منير. وأعد المعتصمون وثيقة بمطالبهم سلموا نسخة منها إلى مكتب النائب العام وأخرى إلى المجلس العسكري. وقال حمزاوي ل «الحياة» إن «هذه المطالب تتركز بالأساس على وقف العنف وتقديم العسكريين المتهمين بارتكاب تجاوزات خلال الأحداث إلى محاكمة يُعهد بها إلى قاض تحقيق مستقل، وكذلك محاسبة المدنيين المسؤولين عن إتلاف المنشآت العامة وحرقها». وكان رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبدالمعز إبراهيم قرر ندب اثنين من المستشارين في المحكمة للعمل كقاضيي تحقيق في الأحداث بصلاحيات النيابة العامة في التحقيق واستجواب المتهمين وسماع الشهود ومناقشتهم وفحص الأدلة الفنية. لكن حمزاوي أكد أن «الاختبار الحقيقي للمحققين سيكون في التطرق إلى التجاوزات التي ارتكبها عسكريون». وكانت النيابة العامة أمرت بحبس 123 متهماً وإخلاء سبيل 22 طفلاً و6 فتيات و31 شخصاً أوقفوا على ذمة التحقيق. وأثارت وفاة أحد المتهمين في محبسه غضب المحامين الذين هددوا بمقاطعة التحقيقات ما لم يتم تقديم العلاج اللازم للجرحى من المتهمين. ويجتمع اليوم نائب رئيس المجلس العسكري الفريق سامي عنان مع المجلس الاستشارى الذي عينه المجلس للبحث في الحلول السريعة للخروج من الأزمة الحالية.