تفجرت معضلة كبيرة في الأزمة المصرية بعد مطالبة نواب وسياسيين بدأوا اعتصاماً مفتوحاً أمس بمحاسبة قيادات عسكرية بتهمة ارتكاب أعمال عنف ضد المتظاهرين، ما اصطدم مع اعتبار المجلس العسكري الجيش «خطاً أحمر» ونفيه ارتكاب عنف مفرط أو ممنهج، وإن كان أقر بحدوث تجاوزات محل تحقيق. ورغم تراجع حدة الاشتباكات بين جنود الجيش والشرطة من جانب والمتظاهرين من جانب آخر في شارع الشيخ ريحان المطل على ميدان التحرير بعد ليلة دامية، إلا أن الأزمة اتجهت إلى مزيد من التعقيد مع بدء نواب في البرلمان الجديد وسياسيين وشخصيات عامة من مختلف الاتجاهات اعتصاماً مفتوحاً أمام دار القضاء العالي في وسط القاهرة للمطالبة بمحاكمة مستقلة لقادة عسكريين بتهمة ارتكاب انتهاكات في أحداث مجلس الوزارء التي ارتفع عدد ضحاياها إلى 12 قتيلا وأكثر من 750 مصاباً. ومعروف أن القانون ينظم خضوع العسكريين للتحقيق بقصره على المحاكم العسكرية، ولا يجيز مثولهم أمام النيابة العامة أو القضاء المدني إلا بتصريح من قيادة الجيش، وهو أمر مستبعد. وانتدب رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبدالمعز إبراهيم أمس قاضيين مدنيين للتحقيق في الأحداث. وكانت الاشتباكات التي تجددت فجر أمس في ميدان التحرير بين قوات الجيش والشرطة والمتظاهرين دفعت قوى سياسية إلى الاجتماع لمناقشة الأزمة ووضع مقترحات لإنهاء العنف، لكن الاجتماع أفضى إلى قرار بالاعتصام للمطالبة بوقف العنف ومحاكمة المسؤولين عن العنف من المدنيين والعسكريين. وبين المعتصمين القيادي في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، محمد البلتاجي والنائبان عمرو حمزاوي ومصطفى النجار ومؤسس حزب «غد الثورة» أيمن نور، والناشط السياسي البارز جورج إسحاق، والقيادي في «الحزب الديموقراطي الاجتماعي» فريد زهران، وشخصيات من أحزاب «الوسط» و «المصريين الأحرار» و «العدل» و «التحالف الشعبي» و «العمل» و «ائتلاف شباب الثورة». وقدم المعتصمون مذكرة إلى النائب العام يتهمون فيها أعضاء في المجلس العسكري بقتل المتظاهرين أمام مجلس الوزراء. وكان المجلس العسكري دافع عن تصرفات الضباط والجنود. وأكد عضو المجلس اللواء عادل عمارة، في مؤتمر صحافي، أنه لم يكن هناك «استخدام مفرط للقوة»، وإن كان أقر بتجاوزات قال إنها محل تحقيقات، خصوصا ما تداول بخصوص صورة لفتاة نزعت عنها غالبية ملابسها يسحلها جنود في الجيش ويضربونها. لكنه شدد على أن «المساس بأفراد الجيش ومنشآته ومعداته خط أحمر». وتحدث عن «مخطط لإحراق البلاد» اتهم بعض وسائل الإعلام بالمشاركة فيه. واعتبر أن المتظاهرين «يمارسون عنفاً ممنهجاً ضد جنود الجيش والشرطة ضمن مخطط لنشر الفوضى وإسقاط الدولة». ورد المرشح المحتمل للرئاسة محمد البرادعي على اتهام ضمني من عمارة له ب «التحريض ضد الدولة»، قائلاً إن «الحديث لا ينقطع عن مؤامرات داخلية وخارجية وأيادٍ وأصابع خفية وراء ما يجري. ألم يحن الوقت لنرى حتى إصبعاً واحداً ليكون هناك قدر من الصدقية؟». واعتبر المرشح المحتمل للرئاسة حمدين صباحي أنه «لا يستقيم أن يكون المجلس العسكري خصماً وحكماً... نطالب بلجنة تحقيق مستقلة». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن مصادر قولها إن «التحقيقات مع المتهمين في الأحداث كشفت تورط مرشحين لعضوية البرلمان ونواب سابقين ورجال أعمال في تمويل عمليات إضرام النيران في المباني والمنشآت العامة والحكومية ورشق قوات الأمن والجيش بالحجارة».