عمان - أ ف ب - شكّكت المعارضة في حملة مكافحة الفساد التي اطلقها العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ضد مسؤولين سابقين ورجال أعمال نافذين، وقالت إنها «ليست كافية». وجاء توقيف أمين عاصمة عمان السابق عمر المعاني (2006-2011) الثلثاء الماضي بتهم تتعلق ب «الاخلال بالواجبات الوظيفية واستثمار الوظيفة والاختلاس والرشوة» ورفض المدعي العام للمحكمة ثلاثة طلبات متتالية من محاميه للافراج عنه بكفالة، ليؤكدا جدية هذه الحملة لانه شخص مقرب من العائلة المالكة. وسبق هذا الاعتقال لقاء عقده الملك عبدالله مع رؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ودعوته لهم الى مكافحة الفساد و «تحويل الفاسدين الى القضاء من دون أي تردد أو محاباة». وقال الملك ان «المواطن تعب من الكلام والشعارات، ويريد أن يتأكد ان حقوقه محفوظة، ويريد كذلك محاسبة ومعاقبة الفاسد والمهمل»، مشيراً الى ان «لا احد فوق القانون ولا حصانة لاحد». قبل ذلك، اعلن الديوان الملكي الاردني في بيان انه للفترة من 2000 و 2003 تم تسجيل 4827 دونماً (الدونم الواحد يساوي 1000 متر مربع) باسم الملك من أراضي الخزينة، مشيراً الى انها سجلت لأغراض تنموية ووطنية وانه لا شيء تم بيعه. وقرر مجلس النواب الاحد الماضي تشكيل لجنة تحقيق نيابية للتدقيق في سجلات دائرة الاراضي والمساحة عن تسجيل اراضي الدولة بأسماء مسؤولين سابقين في شكل مباشر او على شكل اراض مملوكة لشركات الاستثمار، للوقوف على حقيقة ذلك. وقال رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري لوكالة «فرانس برس» ان «كلام الملك واضح: لا أحد فوق القانون، ويدل على وجود إرادة سياسية»، مشيراً الى ان الاردنيين «سيدهشون من الجرأة التي ستعامل بها ملفات الفساد». وأضاف ان «الحركة الشعبية طالبت عبر فترة طويلة بكشف الفساد، واماكن الفساد معروفة. لكن عندما طال الامر، كانت لديهم قناعة بأن الدولة ليست جادة حيال هذا الملف». واشار الى ان «الامور ستتغير (من الآن فصاعداً) وبصورة مثيرة للانتباه». وبحسب وسائل اعلام اردنية، دعا المدعي العام الى «الشهادة» عدداً من كبار المسؤولين السابقين، بينهم ثلاثة رؤساء وزراء ورئيس ديوان ملكي، للاستماع اليهم في قضية فساد. وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو في تصريحات الثلثاء ان «الهيئة منعت عشرات من رجال الاعمال الذين تحوم حولهم شبهات فساد من السفر، إضافة الى الحجز على اموالهم»، موضحاً: «بحسب مصادر متطابقة، يشتبه بقيام هؤلاء باختلاس مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة». كما اوضح ان دائرته احالت أكثر من 70 قضية فساد على الادعاء العام تتعلق بجرائم رشوة واختلاس واستثمار وظيفة وأهمال بالواجبات واعتداء على المال العام وأساءة استعمال السلطة. وشكك حزب «جبهة العمل الاسلامي»، الذراع السياسية ل «الاخوان المسلمين» وابرز احزاب المعارضة في الاردن، بجدية هذه التدابير، وقال رئيس الدائرة السياسية في الحزب زكي بني ارشيد لوكالة «فرانس برس» ان «مكافحة الفساد تستوجب ارادة سياسية حقيقية وجادة، وهو أمر غير متوافر حتى الآن». واضاف ان «الفساد بنى قواعد قوية من النفوذ ويتمتع بحماية من مراكز القوة في الاردن». ورأى ان «ما يحدث هو خطوات جيدة، لكنها ليست كافية ابداً». وأضاف ان «الحركة الاسلامية تحذر من محاولات الالتفاف على المطالب الشعبية الحقيقية للاصلاح ... لأن ملفات الفساد التي ادت الى أزمات الاردن السياسية والاقتصادية، ما زالت بعيدة عن متناول اليد». وارتفع الدين العام في الاردن الى نحو 18 بليون دولار بعد ان كان سبعة بلايين عام 1999 عند تولي الملك عبد الله عرش المملكة. وانتقد الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية محمد المصري «عدم وجود استراتيجية» للتعامل في مجال مكافحة الفساد. وقال لوكالة «فرانس برس»: «نرى فرقعات هنا وهناك، لكن ليست هناك استراتيجية حقيقية». وأضاف: «كان الاجدى ان يسبق هذه الحملة اعتماد قانون واضح لمكافحة الفساد لاعطاء الثقة في قرارات الادانة وقطع الطريق امام الذين يعتبرونها عمليات انتقامية». ويشهد الاردن منذ كانون الثاني (يناير) الماضي احتجاجات مستمرة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة الفساد.