معظم الوسائل والقنوات الإعلامية، محلياً وإقليمياً ودولياً، حولت كل انتباهها إلى ما يحدث في الدول العربية من تداعيات لما يسمَى «الربيع العربي» حتى في فصل الشتاء مروراً بالخريف، وغفلت عما يحدث وسيحدث في قلب العروبة الدامي العراق. هل يحصل ذلك، لو سلمنا جدلاً، عن غفلة أم عن قصد؟! منذ الاحتلال الأميركي الوحشي العراقَ في عام 2003 وحتى الآن، والفتك اليومي مستمر بالسكان الأبرياء. إذ تشكلت ميليشيات مسلحة طائفية هدفها الوحيد القضاء على كل ما كان يسمى حياة إنسانية. قسّموا الأحياء بمكعبات إسمنتنية عالية حتى أصبح كل حي كناية عن كانتون أو «غيتو» من الفقر والحرمان والخوف والتهديد والقمع اليومي. لا توجد مدارس ولا جامعات ولا مياه ولا كهرباء ولا دواء وصار كل ما هو ضروري لأبسط وسائل العيش الإنساني عنوانه «ماكو». والأنكى والمحزن أن ظلم ذوي القربى أقسى من بطش الاحتلال. فعوضاً عن تشكيل مؤسسات اجتماعية وصحية وتربوية ترعى شؤون المعوزين والبؤساء من شيوخ وأرامل وأطفال، طغت مظاهر الفساد والاستبداد والقهر والإعدامات الفورية للكثيرين من منتسبي حزب البعث تحت شعار «اجتثاث البعث» الذي نادى به أحمد الجلبي. ستنسحب القوات الأميركية الغازية صورياً وستبقى قوات القتل اليومي من مرتزقة الشركات «الأمنية» وسيبقى هذا المرض السرطاني ينهش كل نبض وشريان يدفق أملاً للعراق. في العراق المنظور ماكو استقرار، ماكو سلام، ماكو توافق بل آكو صراعات أهلية، طائفية وقومية، آكو مجموعات «شيعية - إيرانية، شيعية - عراقية، سنّية - خليجية، سنّية - تركية، كردية - إسرائيلية، كردية - تركية، كردية - إيرانية، ماذا ينتظر العراق في أوائل عام 2012؟! وماذا تنتظر الأنظمة العربية التي تدعي عدم وجود قواعد أميركية على أرضها وهذا كذب مفضوح؟ ماذا ينتظر الأميركيون من المد الإسلامي الطالباني؟ آمل بأن أكون على خطأ.