كان لافتاً الإقبال الكبير على الاقتراع في المحافظات الريفية في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب المصري، رغم تدني المستوى التعليمي لغالبية أهلها، ففي قرى مركز العياط التابع لمحافظة الجيزة (120 كيلومتراً من القاهرة)، رصدت «الحياة» طوابير طويلة للناخبين أمام لجان الاقتراع، خصوصاً للنساء اللواتي نادراً ما يخرجن من بيوتهن. واعتاد الريف التصويت للعصبيات العائلية في كل الانتخابات الماضية، لكن في هذه الانتخابات، حلَّ الدين محل هذه العصبيات في ظل نظام القائمة، الذي قلل من أهمية شخص المرشح. ويرى كثيرون من أهل الريف المعروفين بطبيعتهم المحافظة، في الاقتراع لمصلحة حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي «انتخاباً للإسلام». وقال محمد جمال (25 عاماً) وهو ينتظر الاقتراع أمام إحدى اللجان في قرية الرقة الغربية في العياط: «سأنتخب الإسلام... حزب الحرية والعدالة». وقالت سيدة وهي تواري وجهها بحجابها: «سأنتخب الفانوس... الشيخ محمد حسان»، في إشارة إلى رمز حزب «النور»، الذي رفع صور الداعية السلفي محمد حسان على لافتات مرشحيه، معلناً دعمه لأفكار الحزب. ورغم أن حسان استنكر ذلك، إلا أن هذه المرأة قطعاً لم تصلها هذه الأنباء، وهي لا ترغب في مجادلتها في شأن ذلك الأمر، حتى انها غير مقتنعة بأن حسان ليس مرشحاً أصلاً في الانتخابات. ورغم ما أثير عن دعم الكنيسة القبطية تحالف «الكتلة المصرية» الذي يضم أحزاب «المصريين الأحرار» و «المصري الديموقراطي» و «التجمع»، إلا أن قائمة الكتلة كانت حاضرة بقوة في المنافسة الانتخابية في مدينة العياط وقراها بحكم العصبية لا الدين، إذ يتصدر قائمة الكتلة في دائرة جنوبالجيزة أحد أبناء قرية المتانية في العياط، ويدعى سالم أبو شنب، وكان نائباً سابقاً عن الدائرة لسنوات طويلة. ويشكو أهالي قريته «تهميش أبناء العياط» في قائمة «الحرية والعدالة» التي يتصدرها نائب رئيس الحزب عصام العريان. وقال أحمد عفيفي فيما ينتظر دوره للاقتراع: «الإخوان ضموا مرشحين من مدينة الجيزة ومن الصف وأطفيح (مدن مجاورة للعياط)، ولم يرشحوا أياً من أبناء المدينة على قائمتهم... سأنتخب ابن دائرتي». الفرز ذاته موجود في قرى مدينة أطفيح التي يتصدر قائمة «الوفد» فيها أحد أبناء المدينة، هو لواء الشرطة السابق عبدالوهاب خليل، ولكن بصورة أشد، إذ شهد عدد من لجان الاقتراع فيها اشتباكات بسبب ادعاءات سلفيين مناصرين لحزب «النور» بأن أقارب مرشح «الوفد» يقومون بعمليات تزوير لمصلحته، خصوصاً في قريته.