صمتت الحكومة الإسرائيلية طويلاً وغضّت الطرف عن الانفلاتات المتكررة لغلاة المستوطنين ضد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة في ما عرف ب «جباية الثمن»، أي عمليات انتقامية ضد فلسطينيين مسالمين في كل مرة اتخذت الحكومة قراراً لم يعجب المستوطنين. لكنها خرجت أمس عن صمتها بعد أن اعتدى مستوطنون على قاعدة عسكرية لجيش الاحتلال وعاثوا فيها فساداً وخراباً وقذفوا الجنود بالحجارة وتسببوا في إصابة ضباط كبار بجروح طفيفة. وأعلن ناطق عسكري اسرائيلي في بيان ان المستوطنين تسللوا الى قاعدة عسكرية واقعة قرب مدينة قلقيلية شمال الضفة واحرقوا اطارات سيارات وألحقوا اضراراً بسيارات بالحجارة وزجاجات مليئة بالطلاء، كما زرعوا مسامير على قارعة الطريق داخل القاعدة، ورشقوا بالحجارة سيارة قائد القاعدة الذي لم يصب بأذى. وأضاف ان الجيش، بمساعدة الشرطة، اخرج المتظاهرين من دون ان يشير الى اعتقالات. واعتبر الرئيس شمعون بيريز ما حصل «من أخطر الحوادث التي عرفناها وتشكل تجاوزاً لخطوط حمراء». وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) في تصريحات نشرها مكتبه: «توجد اليوم بيننا فئة وهي فئة صغيرة جداً تتكلم عن اجرام ايديولوجي، ولا يوجد شيء اسمه إجرام أيديولوجي، بل يوجد إجرام» فقط. وأكد: «لا يسمح لاحد ان ينتهك القانون، ولا يسمح لاحد ان يرفع يده على جنود الجيش الاسرائيلي وعلى رجال الشرطة. هذا هو اساس الديموقراطية واساس القانون». وتابع: «ليفهم ذلك انصار ارض اسرائيل من داخل الحركة الاستيطانية وخارجها، لن نتحمل مثل هذه الفوضى، ان هذا الامر الصغير قد يفضي الى وباء كبير وسنضع له حداً». كما ترأس نتانياهو جلسة مشاورات طارئة بحضور وزيري الدفاع والأمن الداخلي وقائدي الجيش والشرطة لبحث سبل الرد على المعتدين، فيما اعتبر وزير الدفاع ايهود باراك الاعتداء «إرهاباً من صناعة محلية». من جهتها، اتهمت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني الحكومة بأنها أتاحت بصمتها المتواصلة لغلاة المستوطنين الانفلات، وقالت إن «عنف المستوطنين هو مرحلة أخرى من التطرف الذي تمر به إسرائيل بموافقة الحكومة وصمتها وحتى بمشاركتها المباشرة وغير المباشرة». وقال وزير شؤون المخابرات دان مريدور إن الاعتداء على الجنود يجب أن يبعث على قلق جميع الإسرائيليين، مضيفاً: «لا أريد أن أفكر ماذا كان سيكون ردنا لو ان المعتدين هم فلسطينيون». وأضاف ان ما بدأ ب «جباية ثمن» من الفلسطينيين أو من اليساريين ولم يتم الرد عليه كما ينبغي، «يطاول جنودنا الآن، وهذا الانفلات هو تحدٍ لسلطة القانون، ويجب مواجتهه بيد من حديد». وطالب باعتقال عشرات المعتدين وتقديمهم الى المحاكمة. وربطت مصادر حكومية بين انفلات المستوطنين ونيّة الجيش الإسرائيلي إخلاء ثلاث بؤر استيطانية صغيرة أقيمت من دون إذن، وأصدرت المحكمة العليا قراراً بتفكيكها. اقتحام منطقة عسكرية وكان عشرات المستوطنين المعروفين ب «شباب التلال» اقتحموا ليل الاثنين - الثلثاء منطقة عسكرية مغلقة في غور الأردن قرب اريحا على الحدود مع الأردن، وتحصنّوا داخل كنيسة مهجورة في ما يسمى «قصر اليهود»، معلنين أنهم سيقيمون في الموقع بؤرة استيطانية جديدة تحمل اسم «مستوطنة زئيف»، على اسم الأب الروحي للاستيطان في فلسطين زئيف جابوتنسكي الذي دعا إلى أن يكون الاستيطان على ضفتي الأردن، الشرقية والغربية. وبرر المستوطنون فعلتهم باحتجاجهم على طلب الأردن من إسرائيل عدم هدم جسر المغاربة الموصل إلى المسجد الأقصى المبارك («جبل الهيكل» لدى اليهود). وقالت مصادر عسكرية إن المستوطنين أرادوا من عملهم هذا ثني الجيش عن تفكيك البؤر، على أن يركّز قواته في الموقع الذي اقتحموه بدلاً من إرسالها لهدم البؤر. واعتبر الجيش في بيان أصدره أمس اقتحام المنطقة الحدودية «عملاً استفزازياً يعرقل الجهود التي يبذلها الجيش لضمان أمن الحدود». وأضاف ان قوات الجيش أخلت المتطرفين و «ستعمل على ضمان الأمن هناك». من جهة اخرى اطلق شرطيون فلسطينيون النار ليل الاثنين - الثلثاء على سبعة يهود متطرفين تسللوا الى قبر يوسف قرب نابلس. وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان احد المتسللين اصيب بجروح طفيفة.