يعتبر «مستشفى الملك فيصل التخصصي» أحد أبرز الإنجازات التي حققتها خطط التنمية السعودية، وهو واحد من أهم المستشفيات التخصصية في العالم. في عام 1973 أبرم عقد مع شركة «هوسبيتال كوربوريشن» الأميركية لتشغيله، وافتُتِح رسمياً عام 1975، وكان هدف تأسيسه تأمين الخدمات التخصصية محلياً وتجنُّب المواطن السعودي السفر للعلاج خارج المملكة، وأدى المستشفى، ومازال، هذه المهمة على نحو يُعدّ سابقة في الخدمات الصحية. المرونة الإدارية والمالية كانت سر نجاح هذا المستشفى، وهي بدأت تتأثر منذ العام 1985الذي شهد إنهاء عقد التشغيل مع الشركة الأميركية. ولكن، رغم ان إلغاء العقد كان خطوة متسرّعة، ظل المستشفى يُدار بطريقة محترفة، واستمر هدفاً للمبدعين والمبرزين من الأطباء والممارسين الصحيين. هذه الحال بدأت تتغير خلال السنوات الماضية بسبب تآكل المرونة، ما جعل المستشفى يفقد الكثير من كونه قطعة من النظام الصحي الأميركي في السعودية، فضلاً عن ان تشكيل مجلس الإدارة من رؤساء مستشفيات منافسة، أفضى الى تعثّر مسيرته بسبب مطالبة الأعضاء بمساواته بمستشفياتهم، وتعاملهم معه بغيرة. في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي تحقق لهؤلاء ما أرادوا، وفقد المستشفى التخصصي الأساس الذي صنع تفرُّدَه، بعد أن طُبِّق عليه سلَّم أجور الممارسين الصحيين السعوديين، العاملين ضمن برامج التشغيل في المستشفيات الحكومية والعامة والتخصصية والمرجعية. النظام حرم «التخصصي» القدرة على المرونة واستقطاب المتميزين من الأطباء، فأصبح لا يختلف عن أي مستشفى عام، على رغم ان الدولة لا تزال تمنح مؤسسات اخرى هذه المرونة مثل «ارامكو»، وجامعة الملك عبدالله، وجامعة الأميرة نورة للبنات. فلماذا تُخطَف المرونة من «التخصصي» رغم انها حق مكتسب له على مدى أربعة عقود. النظام الجديد سيجمّد درجة الطبيب الحاصل على اكثر من الدرجة التي حددها النظام إلى حين بلوغه الدرجة التالية، ولو كانت بينهما خمس سنوات. هذا يعني عملياً ان المستشفى التخصصي سيجمّد رواتب 250 استشارياً، وهو مهدد برحيلهم. ولن يكون قادراً على استقطاب كفاءات طبية بديلة، بسبب تدني رواتبه، فضلاً عن ان النظام فرّق بين السعوديين والأجانب. وعند مقارنة راتبَيْ استشاريَّيْن أجنبي وسعودي يؤدِّيان الوظيفة ذاتها نجد الفرق يتراوح بين 250 و350 في المئة لمصلحة الأجنبي. مَنْ يحمي «التخصصي» من هذا النظام؟... من يمنع اغتيال «التخصصي»؟