شدد اقتصاديون على أهمية الإسراع بتأسيس هيئة عامة لرعاية المنشات الصغيرة والمتوسطة التي طالب باستحداثها أعضاء مجلس الشورى سابقاً، وأكدوا في حديثهم إلى «الحياة» أن نحو 90 في المئة من تلك المنشآت الصغيرة تخرج من السوق خلال الثلاث السنوات الأولى من تأسيسها منها 60 في المئة تخرج خلال العام الاول. وأضافوا أن تلك الهيئة ستعمل على رعاية تلك المنشآت من خلال اصدارها لعدد من الأنظمة والاجراءات الخاصة بالمؤسسات والشركات الصغيرة، توفر لها الدعم والفرض الاستثمارية الحقيقة داخل السوق، خصوصاً أن أنظمة وزارة التجارة في الوقت الراهن لا تدعم هذه المنشآت. وقال عضو مجلس ادارة غرفة جدة المشرف على مركز المنشآت الصغيرة زياد البسام، إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمثل النسبة الكبرى من بين المنشآت الاقتصادية في السعودية اذا تصل نسبتها الى 90 في المئة من المنشآت العاملة في السوق، مشيراً إلى ان «60 في المئة من تلك المنشآت تخرج من السوق في السنة الأولى من تأسيسها، بحسب دراسة حديثة قامت بها غرفة الرياض». وأضاف: «الدراسة اشارت الى أن خروج المنشآت الصغيرة يقل في السنة الثانية، اذا تترواح معدلات خروجها من السوق ما بين 15 و20 في المئة، في حين تنخفض النسبة بشكل ملحوظ في السنة الثالثة لتصل الى عشرة في المئة». وارجع البسام اسباب خروج المنشآت الصغيرة من السوق السعودية بنسب عالية في السنة الاولى الى المعوقات التي تواجهها تلك المنشآت، سواء معوقات ناجمة عن الإجراءات الحكومية او التسويقية او التمويلية، مشيراً إلى أن «وجود هيئة معنية بتلك المنشآت سيسهم في وضع واصدار نظام خاص بها بدعمها، من خلال تبسيط الاجراءات الحكومية، وايجاد برامج تمويلية مناسبة، بهدف استمرارية عملها في السوق». وذكر البسام أن الهيئة ستعمل بشكل مباشر على حصول تلك المنشآت على فرص استثمارية مختلفة في شتى المجالات، ما يجعل لها دور اكبر ومساهمة في الناتج المحلي، خصوصاً أن الانظمة الحالية لوزارة التجارة والصناعة تراعي المنشآت الكبيرة فقط، ما يستحيل معه استمرار المنشآت الصغيرة السوق. واتفق معه مدير مركز الشرق الاوسط للدراسات الاقتصادية الدكتور محمد شمس، الذي أكد ان المنشآت الصغيرة تحتاج إلى دعم اضافي في السوق السعودية، «وتمثل تلك المنشآت الحصة الأكبر من حجم المنشآت في السوق، ومع ذلك فهي تواجه مخاطر كبيرة لجهة الافلاس والفشل والخروج من السوق خلال السنوات الأولى». وتابع: «السبب الرئيسي لخروج 90 في المئة من المنشآت الصغيرة من السوق السعودية خلال الثلاث السنوات الاولى يعود الى عدم وجود دراسة جدوى حقيقة، إضافة الى عدم وجود مصادر تمويل بأسعار فائدة منخفضة، بمال يسهم في تقليل مخاطر افلاس تلك المنشآت. ولفت شمس الى اهمية انشاء هيئة مستقلة تدعم تلك المنشآت الصغيرة بحيث تقدم لها دراسات الجدوى الاقتصادية، وتعمل على سن أنظمة خاصة لها وداعمه لاستمراريتها في السوق. من ناحيته، أكد رئيس مركز ارث للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الحارثي، أهمية وجود هيئة عليا معنية بتلك المنشآت، لأنها تعد عمود الاقتصاد السعودي، وتعمل دوراً كبيراً في بناء اقتصاد وطني منتج ومتنوع، اضافة الى ان هذه المنشآت تعد من أكبر قطاعات التوظيف لدينا، ونجاحها يعني نجاح للاقتصاد السعودي وزيادة في الناتج المحلي لدينا. واستدرك بالقول: «للأسف هذا القطاع يعاني منذ فترات طويلة من عدد من المشكلات والمعوقات، خصوصاً في ظل انعدام الرعاية الحقيقة له، على رغم انه يمثل النسبة الأكبر من المنشآت الخاصة العاملة في السوق، وإهماله يؤدي الى خروج 90 في المئة من تلك المنشآت من السوق خلال السنوات الثلاث الأولى من تأسيسها». وزاد: «هذا الخروج ينعكس سلباً على الاقتصاد السعودي والناتج المحلي، ما يستوجب تضافر الجهود كافة لرفع ودعم هذا القطاع». وحدد الحارثي مشكلات قطاع المنشآت الصغيرة بثلاث، وقال: «لعل أول اشكالية تواجه هذا القطاع هي مشكلة التمويل والتي تعد عثرة امام غالبية تلك المنشآت، وعامل رئيسي في خروجها من السوق لعدم قدرتها على توفير التمويل المطلوب لاتمام اعمالها داخل السوق». وأشار إلى ان الاشكالية الثانية التي تواجهها تلك المنشآت هي عدم قدرتها على تسويق ذاتها بشكل صحيح، في حين أن الاشكالية الثالثة تتمثل في عدم وجود دعم حقيقي من وزارة التجارة لهذه المنشآت وقال: «لا يوجد قرار وزاري يخدم هذه المنشآت او يسهم في عملية تطويرها». ونوه إلى أن وجود هيئة علياً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة سيسهل عملها، مشيراً إلى أن الاجراءات الحكومية تتطلب اعادة النظر فيها وتسهيلها لمصلحة تلك المنشآت.