وجهت المعارضة الروسية رسالة قوية الى رئيس الوزراء فلاديمير بوتين والحزب الحاكم «روسيا الموحدة» بعدما نجحت في حشد حوالى 40 ألفاً في أنصارها ضدهما في العاصمة موسكو أمس، ونظمت للمرة الأولى احتجاجات على نتائج الانتخابات الاشتراعية في اقصى شرق البلاد وسيبيريا، حيث تدخلت الشرطة لتفريقهم واعتقال عشرات منهم، ما شكل أوسع احتجاجات تشهدها روسيا منذ 20 سنة. وفيما بدا ان التحدي الأكبر للمعارضة هو في مقدار الاستجابة الشعبية لدعوات الاحتجاج ضد ما وصفته بأنه «تزوير لانتخابات مجلس الدوما» التي أُجريت الأحد الماضي، فاق عدد المتظاهرين توقعات المنظمين في موسكو، كما شهدت 90 مدينة روسية تظاهرات مماثلة. وتبددت اجواء التوتر التي سادت الساعات الأولى لبدء الاحتجاجات، مع التزام السلطات عدم استخدام العنف. ولم تسجل حوادث آنية مهمة على رغم ان تسجيل لحظات حرجة كادت تفجر الموقف، بينها إحراق متظاهرين أعلام الحزب الحاكم، ما حتم تدخل رجال الشرطة، وكذلك إطلاقهم هتافات طالبت برحيل بوتين، علماً ان ساحة التجمع تبعد مئات من الأمتار عن مقر الكرملين. وبخلاف الوضع في موسكو حيث مرت التظاهرات بسلام، شهدت مدن اخرى مواجهات واعتقالات بدأت منذ ساعات الصباح الباكر في اقصى شرق روسيا، ووصلت الى سان بطرسبورغ، حيث اعلن ناشطون اعتقال عشرات الأشخاص. وأكد زعماء المعارضة الذين حضروا التجمع المركزي في ساحة «بولوتنايا» في موسكو، انهم سيواصلون حملاتهم. وطالب رئيس «حركة تضامن» بوروس نيمتسوف، احد ابرز منظمي الاحتجاجات، بتلبية السلطات المطالب الأربعة للمتظاهرين، والتي تشمل اعلان بطلان نتائج الانتخابات النيابية، وتحضير الأجواء لانتخابات حرة ونزيهة عبر الإفساح في المجال امام المعارضة المهمشة لنيل اعتراف رسمي، في إشارة الى اليمين الليبرالي تحديداً الذي رفضت وزارة العدل تسجيل حزبه قبل الانتخابات. اما المطلب الثالث فيتمثل في إقالة رئيس لجنة الانتخابات المركزية فلاديمير تشوروف وتقديمه للمحاكمة وجميع المتورطين معه في عمليات التزوير، والرابع اطلاق المعتقلين السياسيين والذين قدر عددهم بحوالى 1600 ناشط منذ بدء الاحتجاجات مطلع الاسبوع. انضمام الحزب الشيوعي الى ذلك، تزامنت التظاهرات مع اعلان الحزب الشيوعي الروسي الذي فاز ب 92 مقعداً في البرلمان في مقابل 238 من أصل 450 مقعداً لحزب «روسيا الموحدة» الحاكم، ان نتائج الانتخابات «باطلة» مطالباً بإعادة فرز الأصوات في بعض المناطق وإعادة الانتخابات كلها في مناطق اخرى. واعتبر سياسيون ان الحزب الشيوعي الذي شارك جزء من أنصاره في تظاهرات امس، ان موقف الحزب يعني عملياً انضمامه الى حركة الاعتراض، لكنهم لفتوا الى رفض أحزاب فازت بمقاعد في مجلس الدوما وشاركت في الاحتجاجات، سحب نوابها احتجاجاً على التزوير. وقال رئيس حزب «روسيا العادلة» سيرغي ميرونوف ان حزبه سيدافع عن حقه بأصوات الناخبين الذين صوتوا له بالتزامن مع مطالبته بإعادة الانتخابات. وكانت الولاياتالمتحدة دعت عشية التظاهرات السلطات الروسية ومعارضي بوتين في الوقت ذاته لالتزام الهدوء، علماً ان بوتين اتهم الخميس الماضي الولاياتالمتحدة بالتحريض على الحركة الاحتجاجية ضد الانتخابات، وتمويل المعارضة، وهو ما نفته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند ان بلادها تدعم حق الشعب الروسي كما سائر الشعوب بالتظاهر السلمي.