إنهم يتنفسون كرة القدم، هي بالنسبة إليهم جزء بارز من ثقافة البلاد، لذا يرفض البرازيليون استضافة المونديال وتكاليفه، لكنهم يرفضون قبل ذلك خسارة لقبه على رغم كل الظروف، ولذلك أيضاً ربما يعني ذهاب الكأس إلى غيرهم، أو في أسوأ سيناريو إلى جارهم غير الحميم الأرجنتين، جر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، وبحسب الظاهر فإن تلك المعادلات لا تغيب عن أفكار لاعبي البرازيل الذين بدت الضغوط العالية واضحة عليهم. مشاهد الدموع كانت حاضرة في شكل لافت على وجوه نجوم السيلساو، يبكون قبل المباراة وأثناءها وبعدها.. يبكون فرحاً وحماسة.. وربما خوفاً، البعض يصف ذلك بالروح الكبيرة التي يعيشها راقصو السامبا، بينما يراها آخرون مسيئة تنم عن حال نفسية غير مستقرة يعيشها أكثر المنتخبات فوزاً باللقب العالمي. «يبكون خلال أداء النشيد الوطني، يبكون بعد انتهاء الشوطين الإضافيين، يبكون قبل وبعد ركلات الترجيح»، هكذا يستشهد المدير الفني السابق لمنتخب البرازيل كارلوس ألبرتو بيريرا بالحال النفسية التي يعيشها لاعبو بلاده. وعلى رغم أن المدرب سكولاري دافع عن لاعبيه الذين وصفهم بالشباب قليلي الخبرة، فإن كارلوس ألبرتو الذي كان قائد المنتخب المتوج باللقب العالمي عام 1970، رأى أن على لاعبي المنتخب الاحتفاظ بدموعهم حتى فوزهم باللقب، مضيفاً: «الفريق يبكي خلال أداء النشيد الوطني، وعندما يتعرض اللاعبون للإصابة، وعندما يسددون ركلات الترجيح!... توقفوا عن النحيب! هذا يكفي». هذه المشاهد قادت مدرب البرازيل الحالي لويز فيليبي سكولاري إلى الاستعانة ب «الطب النفسي» لأجل مساعدة اللاعبين في التوقف عن البكاء، والتعامل مع الضغط الجماهيري الكبير الذي يواجهونه في بلادهم. وبدأت الطبيبة النفسية ريجينا برانداو مهمتها مع لاعبي البرازيل، وقامت بزيارة معسكرهم قبل مواجهتهم القوية اليوم أمام جارهم الكولومبي، وتحدثت برانداو - بحسب صحف برازيلية - مع اللاعبين يومي الإثنين والثلثاء الماضيين في شكل جماعي، مقدمة لهم الخلطة النفسية لإيقاف شلال الدموع. ودافع عدد من نجوم البكاء في هذا المونديال كالحارس خوليو سيزار والمدافعين دافيد لويز وتياغو سيلفا إضافة إلى النجم نيمار، عن دموعهم، إذ اعتبر سيزار البالغ من العمر 34 عاماً أن لديه كل الحق بإظهار مشاعره، وخصوصاً بعد أن حافظ على أمل منتخبه في البقاء بالبطولة بتصديه لركلتي جزاء أمام تشيلي «أنا سعيد جداً، الشعب البرازيلي كان في حاجة إلى ذلك، نحن - اللاعبين- كنا في حاجة إليه أيضاً، والعالم بأكمله... كنا نعلم بأن الأمور ستكون صعبة» وزاد: «آمل ألّا نحتاج إلى ركلات الترجيح في المباريات المقبلة، وفي حال حصل ذلك سيعاني أقرباؤنا من مشكلات في قلوبهم». واختتم معلقاً على بكائه: «أنا حساس، وسأبقى كما أنا على الدوام، بكيت لأن عدداً من اللاعبين توجهوا نحوي لكي يساندوني، ولم أتمكن من تمالك نفسي». وبدأت الشكوك تساور الجمهور البرازيلي ووسائل الإعلام هنالك في قدرة اللاعبين على التعامل مع الضغط الناجم عن السعي إلى إحراز اللقب العالمي على أرض «سيلساو».