يطغى الهمّ الأمني في لبنان على كل ما عداه مع استمرار حملات الدهم لمخابئ المواد التفجيرية التي تُصنّع منها الأحزمة الناسفة وملاحقة المشتبه بانتمائهم الى المجموعات الإرهابية من خلال الخطط الاستباقية والوقائية التي تنفذها الأجهزة الأمنية، وكان آخرها ضبط قوة من الجيش شخصاً يحمل الجنسية السعودية كان حضر الى لبنان منذ فترة قصيرة أثناء وجوده ليل أول من أمس في محلة الطريق الجديدة في بيروت للتأكد من أن لا علاقة له بأي مجموعة إرهابية أو متشددة. ولم تثبت التحقيقات الأولية التي أخضع لها، كما قال مرجع قضائي ل «الحياة»، ارتباطه بهذه المجموعات، ولم تصدر بحقه مذكرة توقيف، لكن هناك ضرورة لمواصلة التحقيق وتحليل الاتصالات التي أجراها أو تلقاها بواسطة هاتفه الخليوي. (للمزيد) وأكد المرجع القضائي أن التحقيق مع السعودي سينتهي قريباً وفي حال تأكد نهائياً عدم ارتباطه أو تورطه بالمجموعات الإرهابية سيُترك فوراً، خصوصاً أن لا شيء يثبت «حتى الساعة أنه من أصحاب السوابق أو مشتبه فيه». وكان مرجع أمني بارز أكد ل «الحياة» أن السعودي استدعي للتحقيق أثناء وجوده في سيارته وأنه كان في زيارة امرأة تحمل الجنسية الأردنية كانت ادعت أنه شقيقها لكن تبين لاحقاً أنها صديقته. ولم يغب الهمّ الأمني عن طاولة مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، وهو حضر من خلال إعلام الأخير أعضاء الحكومة أنه تلقى تقريراً من أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية ورد فيه أن «داعش» تُعد للقيام بعمل أمني يستهدف منطقة بعلبك في البقاع. وتجنب الرئيس سلام، كما قال أحد الوزراء ل «الحياة»، تسليط الأضواء على تفاصيل ما ورد في تقرير الجهاز الأمني وما إذا كان المقصود بمضمونه التهديد الذي صدر أخيراً عن «لواء أحرار السنّة في بعلبك» بالاعتداء على الكنائس. ويأتي تصدر الهمّ الأمني في وقت تراجع فيه الاستحقاق الرئاسي عن جدول أولويات المعنيين بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بذريعة أن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أعاده الى نقطة الصفر باقتراحه إجراء انتخابات الرئاسة مباشرة من الشعب وعلى مرحلتين، الأولى تأهيلية تجرى على مستوى الناخبين المسيحيين والثانية على المستوى الوطني وتكون محصورة بين الفائزين الأول والثاني في دورة الاقتراع التأهيلية من أجل جعل الدور المسيحي وازناً في عملية الانتخاب. وكان لرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان موقف من اقتراح عون عبّر عنه في حديث الى «الحياة» وقال فيه إن «اقتراح عون يعيدنا الى القانون الأرثوذكسي الذي لا يناسب لبنان ولا يناسب المسيحيين ويعزز الطائفية». وأكد سليمان أنه لا يعارض مجيء قائد الجيش (العماد جان قهوجي) رئيساً للجمهورية، وأن المادة التي تحول دون انتخابه خاطئة، وقال إن «البلد محشور فلماذا يمكن صاحب المال والنفوذ أن يصبح رئيساً ولا يمكن ذلك لقائد الجيش؟». على صعيد استمرار التحقيقات مع الموقوفين في بلدة فنيدق عكار وفندقي «نابليون» و «دو روي» في بيروت، أكد مصدر وزاري بارز أن جميع هؤلاء ينتمون الى «داعش»، وقال إن التحقيقات أدت الى اكتشاف صور لأحد الموقوفين مع شخص يُعمل حالياً على تحديد هويته لملاحقته وتوقيفه، لكنه رفض البوح بتفاصيل إضافية في هذه الخصوص. أما جديد حملات الدهم بحثاً عن مواد تفجيرية تستخدم لصنع الأحزمة الناسفة فكان عثور قوة من الجيش اللبناني على كمية من المتفجرات، بحسب البيان الصادر عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش، مطمورة في أرض زراعية تسمى «العزر» في أعالي بلدة فنيدق – عكار. وعلمت «الحياة» أن قوة الجيش التي دهمت المكان الذي تقع فيه الحفرة اصطحبت معها رئيس بلدية فنيدق خلدون طالب أثناء حملة دهم المنطقة التي يقع فيها منزل الموقوف محمود خالد. وأكدت مصادر نيابية في عكار أن خالد كان استأجر هذا المنزل وأقام فيه، وأنه أوقف مع رفيقه علاء كنعان وأعقب توقيفهما العثور على كمية من المواد المتفجرة مخبأة في مغارة في البلدة. ولفتت الى أن خالد كان أوقف من قبل مخابرات الجيش اللبناني منذ أكثر من سنتين وأفرج عنه لاحقاً وأنه تخلف عن الحضور الى مركز أمني للتحقيق معه بعد الإفراج عنه وفرّ الى سورية وقاتل الى جانب بعض المجموعات المتشددة في منطقة قلعة الحصن في حمص قبل أن يعود الى عكار ويوقف ثانية هو ورفيقه كنعان. ولم تستبعد المصادر أن يكون للعثور على المتفجرات في المغارة علاقة بالاعترافات الأولية التي أدلى بها خالد.