فيما تواصل الأجهزة الأمنية على اختلافها حال الاستنفار الأمني في بيروت وبقية المناطق اللبنانية لملاحقة خلايا إرهابية كشفت الأيام السبعة الماضية حجم تصميمها على التفجير والقتل، استعاد اللبنانيون أنفاسهم على وقع نجاح الضربات الاستباقية في تجنيبهم الموت العبثي. ومن دلالات حال التعافي انطلاق مهرجانات بيت الدين في حضور نحو خمسة آلاف مشاهد، وزحمة سير خانقة في مناطق تستعد لاستقبال شهر رمضان ومواصلة مقاهي الأرصفة استقبال روادها لمتابعة مباريات «المونديال»، لكن مصادر في «حزب الله» أبلغت عن إلغاء الحزب إفطارات رمضان هذه السنة بسبب الاحتياطات الأمنية. وامتدت الإجراءات الأمنية لتشمل مناطق جنوبية، وتحدثت «المركزية» عن تدابير وقائية واستباقية، منها تسيير دوريات والتقصي عن أشخاص غير لبنانيين في فنادق صيدا والنبطية ومرجعيون وحاصبيا وصور، وأبلغ أصحاب فنادق ومقاه واستراحات بضرورة الإبلاغ عن روادها غير اللبنانيين. وجرى وضع خطة تنسيق ووضعت تجمعات النازحين السوريين تحت المراقبة تحسباً لأي تطور مشبوه.وتركزت عمليات الرصد على حركة النازحين الآتين من بلدة بيت جن السورية الحدودية عبر جبل الشيخ. وفيما تواصلت التحقيقات مع الانتحاري السعودي الموقوف علي إبراهيم الثويني (20 سنة) من قبل القضاء العسكري المختص، والذي كان جرى توقيفه بعد مداهمة الغرفة التي كان فيها مع الانتحاري الآخر عبد الرحمن ناصر الشنيفي (20 سنة) في فندق «دو روي» في محلة الروشة والذي قتل بعدما رمى حزامه الناسف باتجاه القوة التابعة للأمن العام التي داهمتهما، تبنت «ولاية دمشق - القلمون» التابعة لتنظيم «داعش» التفجير الانتحاري. وفي تغريدةٍ لها على موقع «تويتر»، أشارت إلى أنّ «انغماسيين من أسود «الدولة الإسلامية في العراق والشام» قاما بالتفجير بمجموعة أمنية تابعة للأمن العام، وهذه المجموعة وقعت بين قتيل وجريح». وأطلقت على العملية اسم «غزوة أول الغيث»، وتوجّهت إلى «حزب الله» بالقول: «ما هذا إلا أول الغيث فأبشروا بالمئات من الانغماسيين»، علماً أن حساب «الولاية» غير المعروفة سابقاً. وموقع «تويتر» لا يتضمّن إلا هذه التغريدة ما يدلّ على أنّ الحساب فتح حديثاً وذلك بحسب وكالة «رويترز». وكانت الإجراءات الأمنية حول المقار الأمنية والمساجد في بيروت والضواحي وصيدا وطرابلس رافقت صلاة الجمعة، فيما هاجس العثور على متفجرات أو أغراض مشتبه بها، امتد إلى كورنيش المزرعة، إذ قطعت قوى الأمن الداخلي الكورنيش المذكور قرب مسجد عبد الناصر بعد الاشتباه بحقيبة، وحضر الخبير العسكري وكشف عليها وتبين أنها خالية من المتفجرات. مداهمة ومتفجرات وفي السياق، تحدثت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان عن مداهمة قامت بها قوة من الجيش على خلفية تحقيق خضع له الموقوف محمود خالد واعترافه بوجود كمية من القذائف والذخائر مطمورة في قطعة أرض عائدة له في بلدة فنيدق - عكار. وأفادت المديرية بأنه عثر في المكان المداهم «على كمية من المواد المتفجرة وقذائف الهاون والحشوات، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الكرات المعدنية التي تستعمل في تجهيز الأحزمة الناسفة. وسلمت المضبوطات إلى المرجع المختص لإجراء اللازم». وبحث أمس، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل مع قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة الإجراءات التي ينفذها الجيش لترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد. ونوه مقبل في تصريح بالإجراءات التي يتخذها الجيش ومخابراته «لتثبيت أمن اللبنانيين واستقرارهم وإبعاد شبح التفجيرات الإرهابية التي تطاول المدنيين والعسكريين». واستغرب اشاعة «اجواء التحريض على الجيش ومخابراته على رغم تضحياتهما وعملهما الدؤوب لمحاربة الارهاب ومنع الفتنة»، داعياً القوى السياسية الحية إلى «إنجاز الاستحقاقات الدستورية وتفعيل عمل المؤسسات حتى تتمكن القوى الأمنية والعسكرية من القيام بدورها على أكمل وجه في ظل غطاء سياسي جامع يضاف إلى الغطاء الشعبي الذي لا لبس فيه». قتلى "حزب الله" ونعى أمس، «حزب الله» وأهالي النبطية مقاتلين قضيا في سورية إلى جانب القوات النظامية، وهما حسن عدنان حمادي ومحمد قاسم سليمان، ولم يحدد موعد تشييعهما بعد. وسبق أن نعى الحزب في الساعات الأخيرة كلاً من: ساجد هشام حمد من كفرتبنيت وفادي عبدالله مسرة من بلدة زيتا. وكانت وسائل إعلام حكومية سورية، بحسب وكالة «اسوشيتد برس» ذكرت أن «القوات النظامية السورية استولت على المناطق القريبة من الحدود مع لبنان، وقطعت خطوط الإمداد لمقاتلي المعارضة. وتقترب القوات السورية من منتجع جبل الزبداني الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة منذ سنتين». وأوضح مرصد حقوق الإنسان أن القوات السورية في منطقة القلمون باتت على مشارف حدود قرية الطفيل اللبنانية. وفي السياق، رأى وزير الصناعة حسين الحاج حسن أن «تدخل حزب الله في سورية استطاع تأمين لبنان من هذه الهجمة التكفيرية، وما يحصل في العراق خير دليل على صوابية تدخله». ولفت إلى أن «المقاومة تؤمن بأن التفاهم والحوار السبيل لاستمرار الاستقرار ولو بحده الأدنى في خضم أحداث المنطقة، وخير دليل على ذلك تشكيل الحكومة التي استطاعت تأمين الغطاء لكل الأجهزة الأمنية التي نجحت في استباق الهجمات الإرهابية في كثير من الأحيان وعطلت عملها». وأشاد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق بإنجازات الجيش والقوى الأمنية «الذين حققوا تقدماً نوعياً وإنجازاً استراتيجياً في مواجهة الإرهاب التكفيري والموجة الجديدة من الانتحاريين والعمليات الإجرامية»، مطالباً الجميع ب «توفير أشكال الدعم للأجهزة الأمنية والعسكرية لتقوى على مواجهة الإرهاب التكفيري». ورأى «أن لبنان يمر في مرحلة خطرة لا تحتمل التبرير للارهاب والإدانة المسمومة له»، معتبراً «أن هذا موقف استفزازي ويشكل خطيئة وطنية لا تغتفر، وإساءة لكل دماء الشهداء واستفزاز للبنانيين»، مشدداً على «ضرورة العمل على قطع الطريق على الفتنة وتحصين الوحدة الوطنية وتعزيز القوى الأمنية».