أمين الرياض يحضر حفل سفارة كندا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي عددًا من المسؤولين    وزير الداخلية يبحث مع نظيره اللبناني مسارات التعاون الأمني بين البلدين    إنهاء حرب أوكرانيا: مقاربة مقلقة لهدف نبيل    وزير الداخلية يبحث مسارات التعاون الأمني مع نظيره المصري    فورمولا إي (جدة إي بري)..السيارات الكهربائية في مسار متسارع نحو القمة    مانشستر يونايتد يسقط أمام توتنهام    عميد بنزيما يتربع على الصدارة    جازان تقرأ معرض الكتاب يحتفي بالمعرفة والإبداع    بينالي الأيقونة الثقافية لمطار الملك عبد العزيز    وزير الموارد البشرية يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    جولة توعوية لتعزيز الوعي بمرض الربو والانسداد الرئوي المزمن    الأمير عبدالعزيز بن سعود يبحث التعاون الأمني مع نظيره العراقي    المبعوث الأمريكي: مفاوضات مرحلة اتفاق غزة الثانية ستنطلق هذا الأسبوع    عبور 25 شاحنة إغاثية سعودية جديدة إلى سوريا    على خطى ترمب.. أوروبا تتجه لفرض قيود على استيراد الغذاء    شرطة الرياض تضبط 14 وافداً لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً يخسر أمام العراق في كأس آسيا    إطلاق معسكر "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    رئاسة الشؤون الدينية تدشن الخطة التشغيلية لموسم شهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    إحباط تهريب 240 كيلوغراماً من نبات القات في جازان    أمير جازان يدشن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال ويعطي الجرعة الاولى لأحد الأطفال    «مرموش» جا يطل غلب الكل    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    سليمان محمد السليم... في ذمة االه    2 % معدل التضخم في المملكة.. ضمن الأقل بين دول «G20»    إطلاق خدمة تفعيل نظام دخول الشاحنات للشرقية بمواعيد إلكترونية    الطرق تبدأ استخدام معدة المسح التصويري الرقمي المتحرك    ارتفاع عدد قتلى تدافع بمحطة قطارات نيودلهي ‬إلى 18 على الأقل    آل الشيخ: نعتزُّ بموقف السعودية الثابت والمشرف من القضية الفلسطينية    مي كساب: تأجيل عرض «نون النسوة» إلى بعد رمضان    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    انطلاق اختبارات الفصل الدراسي الثاني في مدارس تعليم الرياض    جمعية الذوق العام تنظم مبادرة "ضبط اسلوبك" ضمن برنامج التسوق    أمين مجلس التعاون يؤكّد على أهمية ضمان حرية الملاحة البحرية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتأمين سلاسل الإمداد البحري    استشهاد ثلاثة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على رفح    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    أمطار رعدية وسيول في عدة مناطق    قمة «IAAPA» في الرياض.. مركز عالمي للوجهات الترفيهية    الأرصاد: الأجواء معتدلة في رمضان    23 ألف مخالف في قبضة الأمن خلال أسبوع    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    رسميا.. الهلال يطالب بحكام من النخبة لإدارة مبارياته    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    «ليب».. أحلام تتحقق    تآلف الفكر ووحدة المجتمع    فجوة الحافلات    التايلاندية "جينو تتيكول" تتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة السعودية الدولية للسيدات    تكساس تشهد أسوأ تفش للحصبة    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    843 منافس في مسابقة شاعر الابداع بعنيزة    الهوية الصامتة    قصة الدواء السحري    عيد الحب: احتفاء بالمعنى الأزلي للحب    الحيوانات تمرض نفسيا وعقليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة المدنية وسلطات إحباط التقدم
نشر في الحياة يوم 09 - 12 - 2011

لا يمكن اختزال الحراك الشعبي والهبات الجماهيرية والانتفاضات الشعبية، أو أي شكل من أشكال التمرد على سلطة نظام الاستبداد الطغياني، إلى كون أي واحدة منها أو كلها بمثابة صراع من أجل الاستيلاء على السلطة، مع أن أياً من هذه يمكن أن تنجح بالانقلاب على السلطة أو الإطاحة برأسها الأول. على رغم ذلك تبقى الثورة الشعبية أشمل في منطلقاتها وسيرورة مآلاتها. الثورة أوسع وأشمل من ضيق الأفق والحدود التي يقف عندها «أصحاب المغانم» والشعارات وانتهازيو اللحظة ورواد التقى السلطوية، وأصحاب المصالح والمنافع من قوى النفوذ والهيمنة الإقليمية والدولية الساعية إلى اقتناص الفرص السانحة وركوب الموجة، وصولاً إلى ما ابتغت وتبتغي قوى الثورة المضادة، ومشايعي الأنظمة الاستبدادية، ورأسماليات الإمبرياليات الغربية؛ في سعيهم الدؤوب للحفاظ على مصالح جيوإستراتيجية مهمة، يقف في مقدمها أمن إسرائيل وأمن النفط، وأخيراً أمن الأنظمة التابعة.
لذلك أمكن القول إن مسيرة الثورة أو سيرورتها، مشروطة بتواصل عملية التغيير، والسعي نحو إحداث أوسع تحولات تاريخية ممكنة في مجتمعات وقعت عند حد الصفر من الجمود والثبات وتخلف العقل والفكر السياسي، واقتعادهما قارعة العطالة والتهميش والموات، وتحريم استخدام العقل وتجريمه باستبداله بمسائل نقلية، احتكمت وتحتكم بدورها إلى «عقل نقلي» استنسخ ما قبله، وما قبل قبله، وصولاً إلى ما بعد بعده؛ وها نحن هنا نقتعد قارعة انتظار «غودوية» على أمل تحقيق إصلاحات شاملة؛ والدينية في طليعتها، من أجل الانتقال خطوة نحو تجاوز مثبطات التقدم والتنوير والحداثة، في صراع القوى المحتدم القائم اليوم في مجتمعاتنا، حيث إن مثبطات التقدم هي غاية قوى في المجتمع، كما هي غاية قوى الهيمنة الإقليمية والدولية، الساعية الى وقف سيرورات التغيير التي يجب أن تعقب إسقاط الأنظمة الاستبدادية الطغيانية ورؤوسها وقواعدها الاجتماعية.
على أن محبطات التقدم ومثبطاته، هي احد أهداف تشترك في التصدي لها قوى أساس في الدواخل الوطنية، تقف في مقدمها قوى دينية ودنيوية، تستمد ديمومة مصالحها من حفاظها على الستاتيك الأيديولوجي بتزييفاته المتعددة، ومن ثوابت سلطوية مهيمنة سياسية ومجتمعية أهلوية ما قبل مدنية؛ وجدت وتجد متسعاً من أدلوجات ثقافية وسياسية واقتصادية للتحالف مع قوى في الخارج، كل ما يهمها في سياق العلاقة مع بلدان المحيط العالمثالثي هو الحفاظ على تبعية سياسية واقتصادية شاملة، تعيد انتظام المجتمعات الوطنية على وقع مركز قائد ومحيط تابع؛ على رغم أزمة مالية عالمية غير مسبوقة، لا يتوقع لها أن تنتهي في ظل استمرار وتواصل سلم أهلي داخل المجتمعات الوطنية، أو في ظل سلم إقليمي أو دولي مضطرب، في غياب نواظم في العلاقات الدولية، افتقدت هيمنة قطب أحادي، في الوقت ذاته الذي لم تتبلور بعد أي مساحة من الهيمنة والتأثير الفاعل لقوى وأقطاب تعددية، يؤمل أن ترث هيمنة أو نفوذ الدولة القطبية الأحادية التي مثلتها الولايات المتحدة.
إن غاية الثورة ومآلاتها الأخيرة، كما مهمة التغيير كمهمة تاريخية، تتسم بإجراء تحويلات وتحولات شاملة، هذه الغاية تتلخص في مهمة بناء مجتمع مدني ودولة مدنية تعددية وديموقراطية، تتمثل مصالح وتطلعات وأماني شعبها أولاً، من دون أن تمتثل لمصالح وتطلعات قوى النفوذ والهيمنة وعلاقات الاستتباع والزبائنية التي تحكم مسارات المتبوع مع التابع، وهو شكل العلاقة التي درجت على إقامتها في بلادنا سلطات محلية استبدادية، وسلطات مركز أو مراكز إمبريالية حاولت وتحاول الاستحواذ على كل ثروات الشعوب المنهوبة غير الخاضعة لرقابة ومحاسبة أي هيئة أو سلطة تشريعية نزيهة ومنتخبة، تخضع هي الأخرى لقانون أو لقوانين تنظم علاقاتها الداخلية والخارجية من غير انحياز أو تحيّز الى مركز سلطوي في الداخل أو في الخارج.
وحدها الدولة المدنية التي يؤمل، بل ويُعمل على أن تقوم على أنقاض دولة الأيديولوجيا الدينية أو السياسوية، استبدادية الطابع، التي يمكنها أن تنسجم وأهداف ثورات الربيع العربي في تخطيها حواجز ومعوقات النهوض الوطني للدولة التي أريد لها أن تقوم قيامتها على أسس ديموقراطية تعددية، لا تحتكم لأي أيديولوجيا أو تصورات شعبوية، أو تعتمد مرجعيات يدّعون انتسابها إلى ما يطلقون عليه «الألطاف الإلهية» المصلحية والمنفعية الخاصة بهم؛ كأحد عوامل التزييف الأيديولوجي ليس إلاّ.
وحدها الدولة المدنية كنتاج للإرادات البشرية المناضلة من أجل استعادة هويتها وثقافتها وسياستها ووجودها الوطني الفاعل في إطاراتها، ما تستحق الكفاح من أجلها، والتخلص نهائياً من مثبطات ومحبطات التقدم الإنساني ومجده المجتمعي – الدولتي المجسد في دولة؛ دولة مدنية حديثة عصرية ناهضة، تنير ذاتها وما حولها، ولا تطفئ حتى شمعة من شموع الفاعلية الإنسانية.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.