بمشاعر مختلطة من الافتخار بسلطة القانون وتطبيق شعار «الجميع متساوون أمام القانون» من جهة، والخجل من جهة أخرى، تابع الإسرائيليون دخول رئيسهم السابق موشيه كتساف (66 عاما) السجن أمس ليقضي فيه سبعة أعوام بعد إدانته بتهمة الاغتصاب، فيما أصرّ كتساف على براءته مكرراً أنه لا يوجد ما يعتذر عنه. وعرفت إسرائيل في السابق تعرض وزراء إلى السجن بتهم الفساد والاختلاس، لكنها المرة الأولى التي يدان فيها رئيس دولة ويحكم عليه بالسجن لفترة كهذه. وقطعت محطات التلفزة الإسرائيلية بثها الصباحي العادي لتنقل في بث حي «دخول المواطن الرقم واحد سابقاً إلى السجن ليصبح السجين الرقم واحد»، فيما استمرت مداولات لجنة خاصة للبت في مكانة كتساف بعد سجنه وأي امتيازات ستسحب منه، وهل سيسمح بدفنه عند وفاته في «مقبرة كبار الأمّة». وكانت القضية اندلعت قبل أكثر من خمسة أعوام حين شكت موظفة في مكتبه من قيامه باغتصابها. وشكلت هذه القضية شرارة أولى في معركة شنتها موظفات أخريات عملن تحت إمرته حتى عندما كان وزيراً في تسعينات القرن الماضي وقدمن شكاوى مماثلة. وخلال السنوات الخمس، نفى كتساف التهم، مدعياً أنها افتراءات ضده تقف وراءها جهات كثيرة تريد النيل من سمعته، لكن المحكمة المركزية في تل أبيب أدانته بتهمتي الاغتصاب والتحرش الجنسي، فيما رفضت المحكمة العليا استئناف موكلي كتساف على قرار «المركزية» وأكدت أن القرائن المتوافرة تثبت صحة التهم الموجهة. وقال كتساف للصحافيين لدى خروجه من منزله في طريقه إلى السجن: «بإحباط وغضب شديدين، أقول إنه انتهت اليوم معركة دموية شنت ضدي منذ أكثر من خمس سنوات... جميع معارفي يدرك أن الاتهامات باطلة لأنهم يعرفونني جيداً... لقد واجهوا معركتي لإثبات براءتي بمعركة أشرس». وأضاف: «في دولة إسرائيل، يصدرون اليوم حكماً بإعدامي من غير اعتماد قرائن... لكنني لا أدري متى... أناشدكم أن تطلعوا على كل الوثائق المرفقة لطلب الاستئناف على الحكم، وفي الوثائق التي بقيت سرية تكمن براءتي... سيأتي يوم ويصحو ضمير من ارتكبوا الغبن ضدي، وسترون أنكم دفنتم رجلاً حياً». وسجن كتساف، أول رئيس إسرائيلي من أصول شرقية، في قسم السجناء المتدينين في سجن الرملة. وسيتقاسم الغرفة مع الوزير السابق شلومو بنزري الذي يقضي محكومية السجن لأربع سنوات بعد إدانته بالاختلاس. ونصبت سلطة السجون آلتيْ تصوير في الغرفة لمتابعة خطوات كتساف، كما سيرافقه سجان خاص لتفادي إقدامه على الانتحار. كما تخشى سلطة السجون من تعرض كتساف إلى اعتداء من سجناء رفض منحهم العفو حين كان رئيساً. وكتبت المعلقة سيما كدمون في «يديعوت أحرونوت»، أن الإسرائيليين ليسوا شامتين من دخول رئيسهم السابق السجن «لأن دخول رئيس دولة إلى السجن لا يرمز إليه فقط إنما إلى الدولة... وكل مواطن عقلاني في هذه الدولة يجب أن يشعر اليوم بالخجل... الخجل من قيام من بلغ أعلى المناصب العامة بارتكاب أفعال رذيلة... لا يمكن أن يثير سقوط إنسان أي فرح... ربما يثير الشعور ارتياحاً لدى النساء اللواتي تعرضن لأفعال المتحرش الجنسي، ارتياح من تحقيق العدالة... لكن ليس فرحة أو شماتة».