تلقى زعيم حزب العدالة والتنمية المغربي المكلف تشكيل الحكومة الجديدة عبد الإله بن كيران، في اليوم الخامس بعد تعيينه، موقفاً صريحاً لناحية ابتعاد الاتحاد الاشتراكي عن السفينة التي يقودها الحزب الإسلامي. وقرر المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي أمس في دورة طارئة عدم المشاركة في الحكومة والعودة إلى المعارضة. وقالت مصادر الاتحاد الاشتراكي الذي يتزعمه عبدالواحد الراضي رئيس اتحاد البرلمان الدولي إن الاتجاه نحو العودة إلى صفوف المعارضة طغى على كل المحاولات التي سعت للبقاء في مربع الائتلاف الحكومي المرتقب. وعزت ذلك إلى الوضع الذي يجتازه الحزب، في ضوء تراجع نفوذه منذ انتخابات 2007. وزاد في ترجيح هذا الخيار أن الاتحاد الاشتراكي يعتزم معاودة ترتيب وضعه الداخلي، عبر التخلص من أعباء الحكومة والانصراف إلى المعارضة التي أهلته في تجارب سابقة لاستقطاب المزيد من المناصرين. لكن أعمال المجلس الوطني للحزب الذي انعقد أمس في الرباط شابته دعوات رفض وجهت إلى القيادة الحالية. ودعا نشطاء غاضبون بعض الوجوه المعروفة إلى الرحيل، كونها مسؤولة عن المسار الذي آلت إليه تجربة حزب كان يعتبر إلى ما قبل العام 1998 أكبر قوة معارضة في البلاد. ما قد يترتب عليه تطورات داخل الحزب المترنح بين ضربات الشارع وطموح جمع شتات التيارات اليسارية. وعلى رغم أن خلافاته الإيديولوجية مع حزب العدالة والتنمية آلت في العامين الأخيرين إلى التبدد بعد إقامة تحالفات في تسيير شؤون البلديات، فإن دعاة بناء ما يعرف ب «مجتمع الحداثة» نزلوا بثقلهم للحؤول دون إبرام تحالف جديد مع الحزب الإسلامي. وإن كان الراجح أن معارضة تحالف جديد يضم الاتحاد الاشتراكي ستكون مختلفة عن باقي أشكال المعارضة التي مارستها أحزاب يمنية أخرى لم تفلح في ملء الفراغ. واستبق المكتب السياسي اجتماع المجلس الوطني بالتلويح بقرار العودة إلى المعارضة، مبرراً ذلك باستنتاجات تطاول الأفق الجديد لالتزام الحزب، وليس التوقف عند نتائج الاقتراع الأخير. وكان الراضي ابلغ بن كيران أن حزبه بصدد نقاش داخلي حول واقع الحزب ومستقبله. ورد بن كيران أن لديه رغبة في التحالف والاتحاد الاشتراكي «لكنه سيحترم قراره». وأعلن أنه منفتح على كافة الفاعليات، عدا الأصالة والمعاصرة الذي وضع خطاً أحمر أمامه. ومن المقرر أن يواصل بن كيران مشاوراته مع باقي الأحزاب السياسية في ظل استبعاد الحسم في تشكيل الحكومة إلا بعد بدء جولات جديدة من المشاورات تنصرف إلى عرض البرامج واختيار الوزراء الذين سيقترحهم رئيس الوزراء المكلف على العاهل المغربي الملك محمد السادس. وقال بن كيران إنه يحبذ أن تضم حكومته وجوهاً شابة. وتمنى على حلفائه عدم طرح أسماء وجوه «لا يريدها الشعب»على حد تعبيره. ما يعني نقل الصراع حول قوائم الحكومة إلى داخل معسكر كل حزب. إلى ذلك، رفض بن كيران إضفاء أي تأويل ديني أو إيديولوجي على عدم تعوده ارتداء ربطة العنق. وقال في مقابلة مع القناة الأولى الرسمية مساء السبت إنه «لا يتقن ربطها فقط»، وأنه اضطر لذلك مرتين على الأقل، لدى استقباله من طرف الملك الراحل الحسن الثاني وعند تعيينه رئيساً للحكومة. واستخدم زعيم «العدالة والتمنية» الذي قاد حزبه إلى صدارة المشهد السياسي في اقتراع الشهر الماضي أسلوب تواصل بسيط وعفوي. وهو يدافع عن التزامه ضمان الحريات الفردية والجماعية. لكن من دون التساهل إزاء استفزاز مشاعر المغاربة المسلمين، معبراً عن الأمل في عدم اللجوء إلى «ممارسات في الشارع تخالف القوانين سارية المفعول». وشدد على أن المغرب «لن يعود إلى الوراء في مجال الديموقراطية ونزاهة الانتخابات»، مؤكداً حضور المرأة في الحكومة التي يعتزم تشكيلها «ولم يعد مقبولاً ألا تكون حاضرة في كل المحافل والمؤسسات». وحرص بن كيران على زيارة مناصريه في دائرته الانتخابية في سلا إلى جوار العاصمة الرباط، من خلال تنظيم مهرجان خطابي احتفالي بالنصر الذي قال عنه إنه «جاء تتويجاً لمسار رجال لم يخافوا من البشر بل رفعوا صوتهم عالياً ضد الظلم والقهر». وطمأن رجال الأعمال والمستثمرين بقوله: «مستعدون للتعاون معهم من أجل إقامة مشاريع إنمائية في المصانع والفنادق وغيره».