نيقوسيا - أ ف ب - في سورية تدور حرب بالإسلحة الحقيقية وهي الأسوأ وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى منذ منتصف آذار (مارس)، لكنها حرب كلمات وصور ايضاً يستخدمها النظام ومعارضوه على حد سواء لرفع معنويات المؤيدين وتكذيب الخصوم. فمن الإشاعات الى التنافس على الشهادة وافلام الفيديو التي خضعت للتلاعب والاغاني التي تم تغيير كلماتها، تبدو الوسائل كثيرة في بلد محروم من الاعلام المستقل يندر فيه الصحافيون الاجانب او يتنقلون بصعوبة. وقبل يومين، راجت إشاعاة عن اغتيال ماهر الاسد الاخ الاصغر للرئيس السوري، قائد الفرقة الرابعة. وقالت الإشاعة إن «رجاله قاموا بقتله في مطار المزة» العسكري. وجرى حديث عن انشقاق محافظ اللاذقية وضباط وسفراء ثم تبين ان كل هذا غير صحيح. لكن السلطات لا تقف مكتوفة الايدي. فقد قال مسؤولون إن ضباطاً اسرائيليين وسلفيين يتآمرون معاً في مدينة بانياس الساحلية وان سفينة المانية سلمت اسلحة الى «الارهابيين». وهم يقسمون بأن بعض احياء حمص السنية تشبه قندهار. وعلى الانترنت وفي المقاهي او المطاعم في المدينة تضج سورية بالإشاعات. وأوضح رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن «انها حرب اعلامية». وقالت سيدة اعمال طلبت عدم كشف هويتها «عشنا في نظام مغلق لم يكن فيه سوى وسائل اعلام رسمية. اليوم هناك افراط في المعلومات. لدي انطباع عندما اتابع محطتنا التلفزيونية والقنوات العربية انها لا تتحدث عن البلد نفسه». والجمعة، عرض التلفزيون الرسمي لقطات لمصلين يغادرون بهدوء مساجد في حمص وحماة، معقلي الاحتجاج في وسط البلاد. لكن في الوقت نفسه كانت محطات عربية تبث لقطات نقلها متظاهرون ويظهر فيها عسكريون وتجمعات معادية للنظام. في كل يوم تحصي التنسيقيات المحلية رأس حربة الاحتجاجات عدد القتلى برصاص قوات الامن بينما تكتفي وكالة الانباء السورية (سانا) بذكر الجنود من القتلى. وبالنسبة للتنسيقيات لا وجود «لعصابات مسلحة» بل «منشقين» بينما لا ترى الثانية حركة احتجاج سلمية بل «ارهابيين». وتقول الاممالمتحدة ان القمع اسفر عن سقوط اربعة آلاف قتيل لكن النظام يؤكد ان «الارهابيين» قتلوا 940 من افراد الامن. وصرح توماس بياري الخبير في الشؤون السورية الذي يدرس في جامعة ادنبرة ان «الرؤية الرسمية هي اعادة بناء كاذبة تماماً للواقع بينما تنطبق تلك التي تنقلها قناتا «العربية» و «الجزيرة» الى ما يمكن ان يسمى: واقع مبالغ فيه. في الواقع معظم الحوادث المنقولة صحيحة تضاف اليها مبالغات وتأثيرات اخراج كبيرة». اما مشاهد القتلى، فتحتل مكاناً كبيراً. وتعرض المعارضة في معظم الاحيان لقطات قاسية لاشخاص ضربوا وعذبوا او قتلوا.