دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - فيما سعت السلطات السورية الى الترويج لعودة الحياة الى طبيعتها في مدن بانياس ودرعا وذلك بإطلاق معتقلين وإعادة الكهرباء والمياه والاتصالات، تعرضت مدينة حمص، ثالث أكبر المدن في البلاد، الى قصف عنيف استمر طوال ليل اول من امس وصباح امس ما ادى الى قتلى وجرحي، وفي موازاة ذلك شنت قوات الامن حملة اعتقالات واسعة لقادة الاحتجاجات في المدينة التي حاصرتها الدبابات والمدرعات ومنعت الدخول اليها او الخروج منها وفق شهود وناشطين. كما استمرت العمليات الامنية بحثاً عن قادة الاحتجاجات في مدينة بانياس وقرى درعا وضواحي دمشق. وحذر محتجون وناشطون من ان النظام «يلعب بورقة خاسرة» بإرساله الدبابات الى المدن. يأتي ذلك فيما قتل عسكريان وجرح خمسة آخرون في ريف درعا وحمص وفق ما أعلنت وكالة الانباء السورية. وعن قصف حمص، قال ناشط حقوقي في المدينة إن دبابات الجيش قصفت مناطق سكنية في المدينة في شكل متواصل ما اجبر السكان على الهروب من منازلهم بحثاً عن اماكن آمنة. وقال الناشط نجاتي طيارة لوكالة «رويترز» إن حمص تهتز بأصوات الانفجارات من قصف الدبابات والاسلحة الآلية الثقيلة في حي «بابا عمرو». وأضاف طيارة أن مسيحياً سورياً قتل برصاص قناص أصابه في الرأس بمنطقة الانشاءات القريبة، مشيراً الى أن السلطات تحاول زيادة التوتر الطائفي لتقويض التظاهرات المطالبة بالديمقراطية. وقال إن القتيل يدعى ماهر الناقور وأصيب بالرصاص حين كان واقفاً امام منزله في منطقة انتشر فيها القناصة على أسطح المنازل في اطار الحملة العسكرية. وأوضح طيارة ان خمسة اشخاص على الاقل قتلوا في العملية العسكرية على حمص، موضحاً ان مستشفى في المدينة استقبل خمس جثث على الاقل بعدما قصفت الدبابات حي «بابا عمرو». وقال طيارة انه «سمع دوي قذائف ورشقات رصاص منذ الساعة الخامسة والنصف (2.30 ت غ) باتجاه حي بابا عمرو». وأضاف ان «بابا عمرو والقرى المحيطة بها تشهد عمليات امنية منذ ثلاثة ايام حيث تجري عمليات تمشيط». ويقطن في بابا عمرو والقرى المحيطة بها ومنها مشاهدة وجوبر وسلطانية نحو 150 الف نسمة اغلبهم من القرويين والبدو. من ناحيتها قالت الناشطة الحقوقية سهير الاتاسي لوكالة «رويترز» ان تظاهرة اندلعت في حمص اول من امس على رغم الحملة الامنية المكثفة على المدينة، موضحة ان النظام «يلعب بورقة خاسرة» بارساله دبابات الى المدن ومحاصرتها. وفي بانياس، قالت جماعة حقوقية إن القوات السورية أفرجت عن 300 شخص اعتقلوا في المدينة، كما تمت اعادة الخدمات الاساسية في بانياس التي اقتحمتها الدبابات الاسبوع الماضي. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان انه تمت اعادة المياه والاتصالات والكهرباء للمدينة لكن الدبابات ما زالت موجودة في الشوارع الرئيسية. وأضاف المرصد أن 200 شخص بينهم زعماء للاحتجاجات الداعية للديموقراطية ما زالوا في السجن. وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد ان عشرات ممن أفرج عنهم تعرضوا لضرب مبرح واهانات وان هناك دبابة في الميدان الذي تقام به التظاهرات. وتابع ان «مدرعة تمركزت في الساحة الرئيسية التي تجري عادة فيها التظاهرات في بانياس»، مشيراً إلى ان «جريحين كانت تتم معالجتهما في مستشفى الجمعية في بانياس تم نقلهما الى مستشفى حكومي»، والى ان «مصيرهما ما زال مجهولاً». كما اشار الى «تعرض اطباء مستشفى الجمعية الى الاعتقال والضرب». ورفع المتظاهرون في بانياس صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي شكك في الرواية السورية الرسمية عن أعمال العنف. وقال اردوغان ان اكثر من الف مدني قتلوا وانه لا يريد أن يرى تكراراً لاعمال العنف التي حدثت في حماه عام 1982 او قتل الاكراد في حلبجة بالعراق بالغاز السام عام 1988 حين قتل خمسة آلاف شخص. وقال ناشط حقوقي بجنوب سورية إن أربعة مدنيين قتلوا ببلدة طفس الواقعة هناك حيث وسعت قوات الامن نطاق حملة الاعتقالات، مضيفاً أن 300 اعتقلوا منذ دخلت الدبابات طفس السبت. إلى ذلك افاد مصدر عسكري امس بأن وحدات الجيش والقوى الأمنية «تتابع ملاحقة فلول المجموعات الإرهابية المسلحة، حيث تمكنت (امس) من إلقاء القبض على عشرات المطلوبين والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر المختلفة في بابا عمرو في حمص وفي ريف درعا. كما تم العثور على مستشفى ميداني في جامع الجيلاني في حمص». وزاد المصدر: «حصيلة الملاحقات كانت شهيدين وخمسة جرحى من عناصر الجيش حيث استشهد الملازم الطبيب صفوك خليفة وجرح أربعة آخرون بينهم ضابط في منطقة بابا عمرو في حمص. كما استشهد الرقيب أحمد الحسين وأصيب آخر في ريف درعا. كما اسفرت الملاحقات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة». في الوقت نفسه أذاع التلفزيون السوري تقريراً من درعا يقول ان الحياة بدأت تعود الى طبيعتها تدريجياً في شوارع المدينة. وقالت امرأة لم تعرّف نفسها ان الحياة تعود الى طبيعتها وأن الناس تتنقل من مكان الى آخر بحرية. وتقول منظمات حقوقية سورية ان 630 مدنياً على الاقل قتلوا في الاضطرابات في أنحاء البلاد وان الآلاف اعتقلوا مما دفع الدول الغربية الى التنديد وفرض عقوبات. الى ذلك قال رجل الاعمال السوري رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الاسد في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» ان النظام «سيقاتل حتى النهاية». وأضاف ان «قرار الحكومة الآن هو القتال، سنقاتل حتى النهاية ولن نغادر». واعتبر مخلوف (41 سنة) ان «السلفيين» هم البديل عن النظام «لن نقبل بذلك والشعب سيحارب، لدينا العديد من المقاتلين». وفرضت واشنطن عقوبات على مخلوف منذ 2008. كما ان اسمه ورد ضمن لائحة من 13 شخصاً بدأ الاتحاد الاوروبي امس الثلثاء فرض عقوبات عليهم. ورداً على سؤال حول اسباب شموله بالعقوبات، اجاب «لانني ابن خال الرئيس هذا كل شيء». وحطم المتظاهرون في درعا مكتب شركة الاتصالات الخليوية «سيرياتيل» التي يملكها مخلوف وهتفوا ضده.