القيادة تعزي في وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة عُمان في نصف نهائي خليجي 26    الهلال يكسب ودّية الفيحاء بثنائية "نيمار ومالكوم"    مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون يعقد اجتماعه الرابع لعام 2024    التغيير العنيف لأنظمة الحكم غير المستقرة    حتى لا نخسر الإعلاميين الموهوبين!    هل تفجّر أوابك ثورة إصلاح وتحديث المنظمات العربية    النصر يتوج بكأس الاتحاد السعودي لكرة قدم الصالات على حساب القادسية    كلام البليهي !    مبادرة «عدادي»    بينهم عدوية والحلفاوي والسعدني.. رموز فنية مصرية رحلت في 2024    انتهاء رحلة المزارع الجورجي الذي تحول إلى زعيم عالمي    ولي العهد يعزّي نائب رئيس وزراء كوريا في ضحايا ارتطام طائرة بمطار موان    مدرب المنتخب السعودي : جاهزون لمواجهة عُمان ونسعى للتطور والفوز بلقب خليجي 26    الوديعة السعودية أنقذت اليمن    وزير خارجية سورية: نعمل لتوطيد العلاقة مع الخليج وإعادة بلادنا لمحيطها العربي    تركي آل الشيخ يعلن القائمة القصيرة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    رتال تطلق حملة "عام قبل الوعد" والبدء بتسليم وحدات من مشروع "نساج الفرسان"    توزيع 132 حقيبة إيوائية في ولاية بغلان بأفغانستان    "التجارة" تضبط مستودعاً استغلته عمالة مخالفة للغش في المواد الغذائية    إغلاق عقبة الهدا بالطائف شهرين    أذربيجان: روسيا تعهدت تحديد المسؤولين عن تحطم الطائرة ومعاقبتهم    فرسان تعليم الطائف في أولى مواجهات فرسان التعليم في موسمه الثالث    الشورى يقر مشروع تعديل نظام إنتاج المواد التعليمية المساعدة    13 ألف خريج وخريجة من برامج التخصصات الصحية    قوافل مساعدات سعودية جديدة تصل إلى غزة    مكة المكرمة: القبض على شخص لترويجه 8,400 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الجوازات: صلاحية جواز السفر للمواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج 3 أشهر للدول العربية و6 أشهر لبقية الدول    نائب وزير الخارجية يستقبل الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    وزير الخارجية السوري يقبل دعوة لزيارة السعودية في أول رحلة خارجية    نتائج نشرة خدمات 2023.. «الإحصاء»: 78.1% مدارس التعليم العام و800 ألف رحلة أقلعت من 29 مطاراً    فرع الصحة بجازان ينفذ "ملتقى الاستثمار الصحي الأول"    د.المستنير مديراً لفرع هيئة الصحفيين في عسير    إستحداث فرع بجائزة "السائق المثالي" لقائدي الدراجات الآلية    مدرب عُمان قبل مواجهة السعودية: نريد النهائي    "المرور": استخدام (الجوال) يتصدّر مسببات الحوادث المرورية    "التخصصي" يعالج شابًا بزراعة بنكرياس باستخدام الروبوت    ابتكارات عصرية بأيدي سعودية تعزز رفاهية الحجاج في معرض الحج    الإحصاء تُعلن نتائج المسح الاقتصادي الشامل في المملكة لعام 2023م        كرّمت الشركاء الذين أسهموا في دعم الأهداف العامة.. «الثقافة» تحتفي بختام مبادرة عام الإبل 2024    في بطولة خليجي "26".. الحمدان يتصدر الهدافين.. والدوسري يغيب عن نصف النهائي    عزة النفس وعلو الإنسان    ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشيدون بجهود المملكة    الصقور تجذب السياح    معركة اللقاحات    الذكاء الاصطناعي يشخص أفضل من الأطباء    وزيرا «الإسلامية» و«التعليم» يدشّنان برنامج زمالة الوسطية والاعتدال لطلاب المنح الدراسية    "ملكية العلا" تحتفي برواد الطبيعة    5 فوائد للأنشطة الأسبوعية تطيل العمر البيولوجي    ترحيل إجازة الشتاء لرمضان !    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    «تونسنا عليك»    ما الفرق بين الدخان والهباء الجوي؟    نائب أمير مكة يعقد اجتماعاً مرئياً لمناقشة نتائج زيارته لمحافظات المنطقة    البسامي يتفقد الأمن الدبلوماسي    المملكة تعزي جمهورية كوريا إثر حادث تحطم طائرة ركاب في مطار موان الدولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظافة المشاعر المقدسة
نشر في الحياة يوم 04 - 12 - 2011

إن الحج والعمرة من أعظم العبادات بل ومن أجملها، إذ الحج رحلة فريدة مميزة وقد لا تتاح لبعض الحجيج بأكثر من مرة واحدة في حياتهم، وقد يمضي الكثير من الحجيج جزءاً من حياتهم وهم يجمعون المال لأداء هذه الفريضة، وفي المقابل تبذل السلطات السعودية مشكورة الجهود الكثيرة في توفير الخدمات اللازمة لراحة الحجيج وسلامتهم أثناء موسم الحج؛ إلا أن الزائر للمشاعر المقدسة في أيام الحج، التي منها عرفات ومنى والمزدلفة، يسهم وبجزء كبير من مشاهد غير متوقعة منه، والتي تتأذى منها النفس، وتفسد على الحجيج تجلياتهم في أحيان كثيرة، إذ تجد من النفايات المترامية في شوارع المشاعر المقدسة ما لا يعقل والتي رماها الحجيج أنفسهم! فيصبح الحاج يمشي في تلك المشاعر على أكوام منها منتشرة في كل مكان، فأينما التفت يميناً أو يساراً ترى مخلفات الأطعمة والأشربة والعلب الفارغة بشكل لافت للنظر، ومع خطر التزحلق بتلك المخلفات، خصوصاً كبار السن، ومع صعوبة سير العربات الفردية التي يمشي بها كبار السن والعجزة.
لقد خرجت من مخيمنا في عرفات، الذي يتسم بداخله بالنظافة لوجود الحاويات والعاملين على التنظيف المستمر مع الحملة، خرجت إلى خارجه لأرى الشوارع وقد امتلأت بمخلفات الأطعمة والأشربة ومع ندرة الحاويات، فاضطررنا للجلوس بتلك الوضعية للدعاء ثم سارعنا بالعودة إلى مخيمنا، والحال في منى ليس بأفضل منه بل هو الأسوأ، فترى تلك المشاهد حال خروجك من مخيمك لرمي الجمرات، سواء مشيت كل الطريق سيراً على الأقدام، أو سرت باتجاه قطار المشاعر، فإن المشاهد ذاتها من أكوام وأكياس النفايات التي تغطي الطرقات، بل وبعض الحجيج ينامون بقربها أو فوقها!
إن من طبيعة النفس البشرية أنها إن وجدت مكاناً تكثر به الأوساخ ولا يتسم بالنظافة فإنها سوف تتشجع وترمي به نفاياتها، ولكنها إن وجدت المكان نظيفاً فإن من طبيعة البشر أن يفكروا عشرات المرات قبل أن يرموا بأية فضلات في المكان النظيف الذي توجد فيه الحاويات الكافية، بل وغالباً فإن الإنسان لن يرمي في تلك الحال في ذلك المكان النظيف لأنه سيشعر بالذنب إن قام بذلك، وسيشعر بأنه شخص غريب، أو أنه يفعل شيئاً خارجاً عن العادة والمطلوب، وقد يخاف أحياناً من الرقابة الخارجية، ولذلك فالمسؤولية جماعية في هذا الأمر.
وأتساءل لو ذهبنا إلى مكان سياحي ووجدناه مليئاً بالأوساخ فهل سنعود إليه مرة أخرى؟ بالطبع لا، ولذلك تهتم السلطات في كل دول العالم بالمناطق السياحية فتنظفها على خير وجه وتبذل قصارى جهدها للمحافظة على جمالها ورونقها أثناء موسم السياحة، وأتساءل أليست المشاعر المقدسة أولى بالتنظيف والاهتمام أكثر من أي من الأماكن في العالم لقدسيتها ومكانتها عند الله تعالى وليس للسياحة بل للعبادة؟ وأتساءل كذلك هل لو رأى خادم الحرمين الشريفين هذا الوضع وهذا الكم الهائل من النفايات في المشاعر المقدسة خلال أيام الحج فهل سيرضيه ذلك؟ بالطبع لا، وسيأمر بإيجاد الحلول العاجلة لذلك، فلماذا ننتظر ذلك اليوم؟
وأتساءل أيضاً ألا نخجل من أنفسنا ونحن نعلم بأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في يوم عرفة ليستجيب لنا، بأن تصبح عرفات متسخة بهذا الشكل والرسول «عليه الصلاة والسلام» يقول: «أروا الله من أنفسكم خيراً في هذا اليوم»، والله تعالى يقول: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
فهل عجزنا عن إيجاد الحلول لنظافة المشاعر في أيام الحج التي هي أيام قليلة معدودة؟ فليس الأولى أن تُترك إلى ما بعد مغادرة الحجيج لتنظيفها بل لابد من تنظيفها أولاً بأول، وأنا أعلم الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين لتنظيم أيام الحج وتيسيره والمحافظة على سلامة الحجيج وحياتهم وصحتهم وتوفير الأماكن والغذاء والدواء والخدمات المناسبة لهم، ولكن يبقى أمر النظافة من الأمور التي تحتاج إلى إيلائها المزيد من الاهتمام، التي تبدأ بداية من زيادة توعية العامة والحجيج خصوصاً بأهمية وقدسية المحافظة على نظافة المشاعر المقدسة في أيام الحج من خلال توظيف وسائل الإعلام في ذلك والمحطات الفضائية المختلفة وبشكل مكثف قبل بدء موسم الحج وخلاله، وأقترح أيضاً أن توضع المئات بل الآلاف من الحاويات الكبيرة في الشوارع في المشاعر المقدسة بحيث تكون منتشرة في كل الأماكن وعلى طول الطريق، مع وضع اللافتات بجانب كل حاوية وبلغات عدة وبالصور والتي تحث على النظافة ورمي الأوساخ بتلك الحاويات، واقترح أن يتم توظيف المزيد من عمال النظافة وبأعداد كبيرة خلال أيام الحج القليلة من أجل تفريغ تلك الحاويات بشكل مستمر على مدار الساعة، وأن تدخل سيارات نظافة خاصة بتفريغ تلك الحاويات إلى المشاعر بشكل دوري. ونشر رجال الشرطة ومخالفة كل من يلقي بالأوساخ على الأرض بحيث يكون هذا من ضمن مهامهم في الحج. وأعتقد بهذه الحال سيزداد شعور الحاج بمسؤوليته في تحمل جزء كبير من الاهتمام بنظافة المشاعر المقدسة، فالأمر ليس بمعجز بل يحتاج إلى تفكير وحلول. بل ويمكن إبداع حلول أكثر تطوراً في المستقبل كوضع حاويات ضخمة ذات فتحات علوية فوق الشارع وممرات تحت الشارع مع شافطات هوائية بداخلها تشفط النفايات التي يُرمى بها أولاً بأول، بحيث تسحب تلك الشافطات الأوساخ وتجمعها تحت الأرض بشكل موقت إلى حين انتهاء الحجيج ومن ثم تفريغها والتخلص منها أو حرقها تحت الأرض، أو يمكن إيجاد طرق أخرى للتخلص منها، ففي جميع الأحوال يمكن أن نأتي بمجموعة من المهندسين المستشارين والمختصين ونسألهم عن كيفية التخلص من تلك النفايات واقتراح حلول مبتكرة لذلك، أو طرح عطاءات خاصة بموضوع تنظيف المشاعر المقدسة على شركات تنظيف خاصة، بحيث تتولى إحداها أو مجموعة منها موضوع تنظيف المشاعر خلال موسم الحج وأيام المبيت بالمشاعر، كما هي الحال داخل المسجد الحرام من التنظيف المستمر من خلال شركة مختصة، إذ أشعر أن هذا من حق الحاج أن يرى تلك الأماكن نظيفة، خصوصاً أنه يدفع مبالغ كبيرة في مقابل خدمات الحج من أي بلد يأتي منها، مع أهمية تفعيل دور وسائل الإعلام في ذلك قبل موسم الحج. وفي هذه الحلول رضا لله تعالى، لأن رسول الله عليه الصلاة والسلام حثنا على النظافة دائما حيث قال: «النظافة من الإيمان»، وقال «إماطة الأذى عن الطريق صدقة»، وقال عليه الصلاة والسلام: «نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود»، فعلينا أن نعطي نحن المسلمين فكرة عن أنفسنا بأننا خير الأمم وأنظف الشعوب وأكثرها رقياً وحضارة.
كاتبة وباحثة تربوية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.