أكدت دراسة اقتصادية أن تعداد السكان المتزايد والحاجة إلى تنويع الموارد الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي يفرضان استثمارات ضخمة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، خصوصاً في المياه والطاقة، مشيرة إلى أن اقتصادات دول الخليج تشهد فترة تُعد الأكثر كثافة في التنمية الاقتصادية في تاريخها. ووفق دراسة للبنك الأهلي بعنوان «إدخال رأس المال الخاص في البنية التحتية الإقليمية المزدهرة»، فإن من الأمور الجوهرية لهذا الازدهار التنموي الجهود المبذولة لضمان توفير كميات كافية من الطاقة والمياه لتلبية طلب يُعد من المستويات الأعلى في العالم، ومن المؤكد أنه سينمو بمعدلات تزيد على معدلات النمو الاقتصادي. وحددت الدراسة القوى الدافعة للطلب في ثلاثة عوامل الأول هو معدلات نمو السكان الإقليمية التي تعد من أسرع المعدلات في العالم، ولا يوجد احتمال لأن تتباطأ لما دون معدل 2 في المئة سنوياً خلال المديين القصير والمتوسط، إضافة إلى تزايد وتيرة تحضّر وثراء السكان، ما سيعزز طلبهم على الخدمات والمرافق. وأضافت أن العامل الثاني هو أن الاستراتيجية الإقليمية للتنويع الإقتصادي ستشهد مزيداًَ من التسارع، وعلى سبيل المثال، تخصص خطة التنمية الاقتصادية السعودية الخمسية التاسعة (2010-2014) نحو 95 في المئة من الاستثمارات المرصودة في الخطة للقطاعات الأخرى بخلاف قطاع النفط، وستستمر الصناعات التي تستهلك طاقة مكثفة، مثل البتروكيماويات والألومنيوم في لعب دور كبير في النمو الاقتصادي، في سياق السعي للاستفادة من الميزة التنافسية لمنطقة الخليج والمتمثلة في رخص الطاقة. ويرجح أن يتوافر الدعم لهذا الزخم الاستثماري من أسواق النفط القوية نسبياً، والتي سترفد الخزانات الحكومية بأموال ضخمة. وثالث العوامل هو استمرار دعم الطلب بالتعرفة المدعومة، على رغم إجراء بعض التعديلات، والنقاش الدائر حول المزيد منها. وذكر كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي الدكتور يارمو كوتيلين، أن أكثر التحديات حدة على المدى القصير ستكون في جانب العرض، وسيتعين أن ينمو إنتاج الطاقة والمياه على المستوى الإقليمي بوتيرة متسارعة خلال السنوات المقبلة للإيفاء بزخم جانب الطلب. وتابع: «الطلب الإقليمي على الطاقة، والذي ينمو بمعدل يربو على 7 في المئة في السنة، لا يزال يتزايد بنحو الضعف كل عقد من الزمن، وهذا الطلب المحلي المتصاعد يفرض ضغوطاً متعاظمة على إنتاج النفط على المستوى الإقليمي والذي يستنفد الاستهلاك المحلي قدر كبير منه. وفي المملكة العربية السعودية، فإن الاستهلاك المحلي من النفط المنتج بلغ 28 في المئة في عام 2010، مرتفعاً من مستوى 17 في المئة في عام 2000. ولفت إلى أن ترتيبات رفع القدرات الإنتاجية تتضمن الجهود المكثفة لتطوير مصادر إقليمية جديدة للغاز الطبيعي من أجل تقليص الاعتماد على النفط في الصناعة وتوليد الطاقة، كما تتدارس الاقتصادات بالمنطقة بجدية مسألة إنتاج الطاقة النووية، التي تبقى دوماً أحد البدائل الراسخة والفعالة التكلفة للهيدروكربونات. وبين أنه يتم تخصيص قدر كبير من الموارد لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وأبرزها الطاقة الشمسية، وبرز دور البحث والتطوير العلمي، مدعوماً من الحكومات، كأحد أهم الأولويات في الاستثمار.