أوضحت شركة الأهلي كابيتال أن دول الخليج استطاعت الخروج من الأزمة العالمية بأقل الخسائر الممكنة، بفضل سياسات التدخل الحصيفة التي اعتمدتها حكومات الإقليم، وذلك على رغم ارتباط تعافي الاقتصاد الخليجي الكلي بشكل كبير بتقلبات أسعار النفط، مشيرة إلى أن التحدي الآن يبقى في مدى نجاعة تلك السياسات في دعم القطاع الخاص ليقود النمو الاقتصادي خلال مرحلة الاستقرار التي يعيشها الاقتصاد العالمي حالياً. وقال كبير الاقتصاديين في الأهلي كابيتال الدكتور يارمو كوتيلين في تقرير الشركة الشهري، إن الاقتصادات الخليجية أظهرت مناعة ملحوظة خلال فترة الأزمة الاقتصادية، لكنها تبقى معرضة لموجة محتملة من التذبذب على المدى المتوسط، إضافة إلى تزايد التوقعات حول ارتفاع معدلات التضخم، وهناك ضغوط خارجية يتوجب الالتفات إليها، خصوصاً في قطاع المواد الغذائية، الذي سجل زيادة ملحوظة في الاعتماد على الصادرات، كما أن بعض أسواق المنطقة، وبخاصة السوق السعودية، تواجه حالياً حالة من القلق في قطاع الإسكان، ناهيك عن ضغوط الإيجارات. وأضاف كوتيلين أنه كما شهدنا على مدى العامين الماضيين، فإن سعر النفط يبقى لوحده عامل الخطر الأكثر أهمية حتى بعد أعوام من الجهود الرامية لتنويع مصادر الدخل القومي، مع احتمال أن يتسبب بحدوث تباطؤ اقتصادي، أو حتى توسيع موجة من التضخم. وتابع: «على رغم ذلك، يبدو أن سوق النفط تميل إلى الاستقرار عند مستويات جيدة، كما أنه من المستبعد حدوث المزيد من حركات الهبوط التصحيحية، خصوصاً في غياب هبوط متجدد على الطلب والذي من المفترض أن تسبقه موجة ارتداد عالمية». وأكد أن «الطريق للنمو المستدام حالياً يمر بضرورة تفجير طاقات القطاع الخاص في الوقت المناسب، ودفعه نحو النمو المستمر»، مشيراً إلى أن نقص التقدم في هذا المجال سببه جزئياً سلسلة من عمليات التعثر الضخمة، ما يوضح سبب تأخر السوق الخليجية عن العديد من الأسواق الناشئة الأخرى من حيث أداء سوق الأسهم، ويبقى سد هذه الفجوة أحد أبرز التحديات لعام 2010». وشدد على أن القطاع المالي الإقليمي أظهر مقاومة جيدة ضد الأزمة، ويرجع سبب ذلك جزئياً إلى سياسة الدعم القوي والمتواصل التي مارستها حكومات المنطقة، لكن الإقراض ما يزال يواجه بعض التحديات حتى الآن، وأنه في ظل تباطؤ الاكتتابات العامة وأسواق الدين، ما تزال رؤوس الأموال مقيدة، والثقة في السوق تتجه ببطء لمستويات ما قبل الأزمة. ولفت كوتيلين إلى أن مخاطر الاستثمار في السوق الإقليمية تختلف بشكل كبير من بلد لآخر، مع احتمال وجود أزمات في الدول التي شهدت توسعاً سريعاً في القطاعين المالي والعقاري خلال فترة الازدهار. وأكد أن وضع المنطقة المالي يبقى بمثابة خط دفاع فعالٍ إذا ما تجددت الأزمة مرة أخرى. يذكر أن ديون الحكومة السعودية تشكل 16 في المئة فقط من الناتج القومي الإجمالي، وتصنيف المملكة الائتماني تحسن خلال الأزمة كما يشير مؤشر موديز في هذا المجال، وارتفع تصنيف ديون الريال السعودي الداخلية والخارجية من A1 إلى Aa3، وهو رابع أعلى تصنيف، مع نظرة مستقبلية إيجابية.