كل عام... مع دخول الشتاء أضحى من العادات الرئيسية لأهالي الشمال أن يهجروا منازلهم مع الأجواء الباردة والأمطار ليعيشوا في الصحراء، في بيوت الشعر والخيام التي تعيدهم إلى عبق التاريخ، ما يزيد الإقبال عليها كونها تعتبر مجالس لاستقبال الضيوف خلال فصل الشتاء، وتتميز بيوت الشعر بحياكتها آلياً أو يدوياً، نظراً إلى دقة صنعها ومتانتها ومطابقتها للموصفات القديمة، وتنافس على إنتاجها الهند وتركيا. وتمتاز بيوت الشعر بمقاومتها، وتحملها ظروف البيئة الصحراوية المتقلبة المناخ، وبخفتها في عملية التنقل وسهولة صيانتها، إذ يمكن للمرأة البدوية إصلاحها من دون حاجة إلى من يساعدها. ويكون غطاء بيت الشعر من السدو الذي لا يخلو من فتحات صغيرة، تسمح بمرور الهواء في الصيف، أما في مواسم الأمطار فتتضخم تلك الخيوط وتضيق حلقاتها بفعل المياه، وبذلك لا تتسرب مياه الأمطار إلى داخل بيت الشعر. كما أنه عند إشعال النار بداخله، فإن الدخان يصعد إلى الخارج عن طريق الفتحات في سقفه. وبعد أن يجز صوف الغنم، أو يجمع الوبر من الإبل، تتم عملية الغزل بأدوات خاصة ومصانع متخصصة، ويجري تلوينه بالألوان التي يفضلها الأهالي. ويفضل كثيرون الحياكة اليدوية بعيداً عن الآلات وماكينات الخياطة. ولفت المواطن حمود العنزي إلى أن تصميم بيوت الشعر يختلف من قبيلة إلى أخرى، إذ تمكن معرفة القبيلة من طريقة نَصْبِ بيت الشعر، فبعض القبائل يكون مجلس الرجال على اليمين ولدى قبائل أخرى يكون على اليسار. وأضاف أنه لبيت الشعر مكانة خاصة في نفوس أهل الشمال، ويعبر عن الاهتمام بالعادات والتقاليد التي يحرص كثير منهم على محاكاتها من خلال التصميم الخارجي والداخلي لبيوت الشعر، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من الأهالي يصرفون ببذخ لتزويدها بوسائل الراحة كالمجالس الوثيرة، وأطباق استقبال القنوات الفضائية، إضافة إلى المواقد الكبيرة للتدفئة ومتطلبات «الضيافة العربية» الممثلة في دِلال القهوة وأباريق الشاي. بيوت الشَّعَر «مهجر» أهالي الشمال في كل شتاء