تحول موضوع العلاقة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، وخصوصاً على خلفية توتر الموقف بين الطرفين بسبب ملف «الدرع» الصاروخية ونيات الحلف التوسع شرقا، إلى واحد من المؤشرات الى طبيعة توزيع المزاج السياسي في روسيا على أبواب الانتخابات الاشتراعية في البلاد. وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز دراسات الرأي العام في روسيا ونشرت نتائجه أمس، أن الغالبية الساحقة من الروس يرون في نشاط الحلف إضراراً بمصالح بلادهم، بينما اعتبر ثمانية في المئة فقط من المشاركين في الاستطلاع ان «الأطلسي» شريك لروسيا. وعلى رغم ذلك، كشفت الدراسة عن وجود انقسام واضح في المجتمع الروسي حيال تقويم أداء الحلف بشكل أدق، إذ قال 34 في المئة إنه يشكل تهديداً مباشراً لروسيا، فيما اعتبرت نسبة مماثلة أنه «ليس صديقاً لكنه لا يشكل خطراً». اللافت أن المركز تعمد تحديد الانتماءات الحزبية للعينة المشاركة في 46 مدينة وإقليماً روسياً، وخرج بنتائج مفاجئة، إذ تبين أن غالبية الروس الذين يعتبرون الحلف الغربي «عدواً» من أنصار حزبي «روسيا العادلة» و«الشيوعي الروسي» المعارضين، بينما غاب أنصار الحزب الحاكم «روسيا الموحدة» عن هذه الفئة. كما كان لافتاً أن سكان أكبر مدينتين موسكو وسان بطرسبورغ بدوا أكثر الفئات تأثراً بالدعاية المضادة للحلف الغربي، وقال أكثر من 70 في المئة فيهما، إن «الأطلسي» عدو لروسيا. وشكلت نيات الحلف التوسع شرقاً أبرزَ عناصر الشعور بالتهديد لدى الروس، إذ قال نحو 60 في المائة منهم إن تلك النيات دليل على التوجه المعادي لروسيا. وهي نسبة لم تختلف كثيرا خلال السنوات الماضية، إذ كانت نتيجة دراسة مماثلة جرت قبل عامين خرجت بنتائج قريبة جداً. كما لفت الأنظار أن نسبة من لا يعتبرون الحلف عدواً مباشراً لبلادهم ارتفعت خلال العامين الماضيين من 15 إلى 21 في المئة في أوساط فئات الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة، وهي الفئات التي تمنح عادة أصواتها في الانتخابات إلى أحزاب اليمين الليبيرالي التي تعارض سياسات الكرملين، لكن حظوطها تبدو ضعيفة في دخول البرلمان المقبل. ويأتي الاستطلاع بعد أيام على تهديد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف باتخاذ تدابير جوابية على خطط واشنطن لنشر «درع» صاروخية في شرق أوروبا، واعتبر خبراء في حينها أن توقيت حديث مدفيديف الذي يرأس لائحة «روسيا الموحدة» الانتخابية، كان متعمداً لخدمة أغراض انتخابية. ودشن الرئيس الروسي أول من أمس، محطة رادار حديثة للصواريخ في كاليننغراد على الحدود مع أوروبا، واعتبر أنها «أول رسالة مباشرة إلى الغرب بجدية موسكو في التعامل مع التهديدات المعاصرة».