الكلام في الغرب والشرق يوحي بأن الجيش التركي بات على وشك دخول الاراضي السورية أو يؤكد أنه دخلها فعلياً، كما يزعم بعض المنشورات. وثمة صحف كتبت أن اسرائيل تعد لضرب ايران وان الجيش التركي سيجتاح سورية لحظة بدء الهجوم الاسرائيلي. ويبدو ان دولاً ترغب في أن تبادر الى هذه الخطوة أنقرة الضالعة في الترويج لهذا التوجه. فأردوغان قال إن المسألة السورية هي مسألة داخلية تركية. وأجج الكلام هذا حماسة العقيد رياض الاسعد، قائد «الجيش السوري الحر»، الذي أعلن أنه يقود من تركيا حركة منشقين. وإثر هذا الإعلان، وقع هجوم على مقر الاستخبارات الجوية في سورية. وليست المرة الاولى التي يدور الكلام فيها على احتمال اجتياح الجيش التركي سورية. ففي 1998، يوم كان سليمان ديميريل رئيساً للجمهورية التركية، وجهت أنقرة تهديداً قوياً الى دمشق، ولوحت باجتياح سورية إذا لم تطرد عبدالله اوجلان، زعيم «حزب العمال الكردستاني». يومها انعقدت ثمار التهديد ولكن في تلك المرحلة امتلكت أنقرة الحق في مثل هذه الخطوة. لكن جعبتها اليوم خالية مما يسوغ التهديد بمثل هذا الاجتياح. وعلى رغم ذلك، يدعوها الغرب وجماعة «الاخوان المسلمين» الى المبادرة الى هذه الخطوة، في وقت تقف سورية على شفا حرب أهلية طائفية ومذهبية. والتدخل العسكري التركي الأحادي في سورية يورط أنقرة بدوامة كبيرة، وقد يؤجج نيران الحرب الاهلية، ويجد الجيش التركي نفسه في مواجهة النظامين السوري والإيراني. ومثل هذه المواجهة يحمل أخطاراً كبيرة. وحدها اسرائيل ستنظر بعين الرضا الى المواجهة، وتقطف ثمارها. حريّ بتركيا ان تقصر دورها في الازمة السورية على شؤون حقوق الانسان، والتضامن مع الجيران. وحري بتركيا التزام قرارات الشرعية الدولية. فالقوى الدولية التي تقف على حدود سورية وتشجعنا على ارسال جيشنا الى دمشق، قد تنقلب على تركيا بعد أن تذلل خلافاتها مع ايران، ويصير الدور علينا. * معلّق ومحلل ، عن «مللييت» التركية، 20/11/2011، اعداد يوسف الشريف