أدى بروز مجموعة جديدة من الأسواق سريعة النمو التي تتحدى مكانة الاقتصادات العريقة المتقدمة، إلى تغيير العوامل الديناميكية التي تتحكم بالاقتصاد العالمي. وتوقّع تقرير ربع سنوي جديد يصدر للمرة الأولى عن شركة «إرنست ويونغ» حول أداء الأسواق سريعة النمو، أن تنمو تلك الأسواق بمعدل 6.2 في المئة في هذا العام، أي ما يعادل أربعة أمثال معدل النمو الهزيل المتوقع لمنطقة اليورو. وأوضح التقرير أن الأسواق سريعة النمو تشكل نحو 38 في المئة من الإنفاق الاستهلاكي العالمي، و55 في المئة من الاستثمارات الرأسمالية العالمية الثابتة. وبحلول عام 2020، ستشكل تلك الأسواق 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وفق معيار معادل القوة الشرائية «PPP». وقال رئيس الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «إرنست ويونغ» بسام حاج إن «قطر حققت أعلى إجمالي ناتج محلي اسمي للشخص الواحد وفق معيار معادل القوة الشرائية من بين 25 سوقاً عالمية سريعة النمو عام 2010، وتلتها الإمارات في الترتيب. كما كانت قطر أسرع الاقتصادات نمواً على مدى الأعوام العشرة الماضية، وبمتوسط معدل نمو سنوي بلغ 13 في المئة. وبينما بلغ متوسط معدل نمو الاقتصاد المصري خلال الفترة نفسها 4.9 في المئة، بلغ نظيره في الإمارات 4.3 في المئة، وفي السعودية 3.2 في المئة. وبصورة عامة، بلغ متوسط معدل نمو الأسواق سريعة النمو 5.8 في المئة سنوياً خلال العقد الماضي، مناهزاً ثلاثة أمثال سرعة نمو أسواق الاقتصادات المتقدمة مجتمعة. ومن المتوقع أن يستمر هذا المعدل السريع للنمو، بحيث يتجاوز معدل نظيره في اقتصادات الأسواق المتقدمة بنسبة 3.5 في المئة سنوياً خلال العقد المقبل». وأضاف: «باستثناء الاقتصاد المصري الذي يشهد انتعاشاً بطيئاً بسبب الأحداث التي تعيشها مصر حالياً، من المتوقع أن تشهد اقتصادات قطر والسعودية والإمارات نمواً قوياً مستمراً. وتباطأ النشاط الاقتصادي في المنطقة خلال الأعوام القليلة الماضية، ليعكس تراجع الثقة الاقتصادية وتزايد الحذر. لكن من المتوقع أن يؤدي إنفاق حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في قطاعات مهمة مثل البنى التحتية والرعاية الصحية والاجتماعية، إلى تعزيز النمو الاقتصادي في تلك الدول». وارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) التي تدفقت إلى الأسواق سريعة النمو من 205 بلايين دولار عام 2000 إلى 444 بليون دولار عام 2010، بحيث باتت تلك الأسواق تتلقى الآن نحو 50 في المئة من التدفقات العالمية للاستثمارت الأجنبية المباشرة. وهنا برزت قطر والسعودية والإمارات ضمن الأسواق الخمس الأسرع نمواً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من حيث حصة الفرد الواحد منها في عام 2010. لكن الاستثمارات الأجنبية المباشرة لم تعد تسير في اتجاه واحد، إذ بدأت الأسواق سريعة النمو بحد ذاتها تتحول إلى مستثمرين عالميين رئيسيين في اقتصادات الدول المتقدمة، بالتزامن مع قيام كبرى شركاتها بشراء الشركات العالمية التي تنافسها. من ناحيته، قال أحد رؤساء مركز بحوث الأسواق النامية في «إرنست ويونغ» ألكسيس كاركلينز- مارشاي: «على رغم أن الأسواق سريعة النمو ليست في منأى عن المخاطر الاقتصادية العالمية، إلا أنها في وضع جيد يتيح لها التعامل مع مثل هذه التحديات. وقد يؤدي تدهور أزمة الديون الأوروبية وتحولها إلى وضع فوضوي إلى انكماش اقتصادي طويل الأمد في منطقة اليورو، وركود للنمو في الولاياتالمتحدة الأميركية لعامي 2012 و2013، وإلى تراجع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي لدول الأسواق سريعة النمو إلى 3.2 في المئة عام 2013، وهو معدل أدنى بكثير من المعدل المتوقع البالغ 6.8 في المئة، لكنه لا يزال بعيداً عن متناول الدول المتقدمة في الوقت الحالي. ومع تراجع الأعباء المالية الناجمة عن الأزمة المالية الأخيرة، نتوقع انعكاس سياسات تشديد القيود النقدية التي تم انتهاجها أخيراً في عدد من الدول.