تعززت مخاوف في موسكو من تراجع مواقع حزب «روسيا الموحدة» الحاكم في مجلس الدوما، وخسارته الغالبية المطلقة، بعد الانتخابات النيابية المقررة الشهر المقبل، على رغم الحملة القوية لزعيم الحزب رئيس الوزراء فلاديمير بوتين. وأظهرت استطلاعات للرأي أَعدها مركز «ليفادا» لدراسات الرأي العام في روسيا ونُشرت نتائجها أمس، أن مواقع الحزب الذي يتحكم بمفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد، تعرّضت لهزة عميقة أخيراً، مرجّحة فشله في الحفاظ على مراكزه في البرلمان الجديد، بعد الانتخابات المقررة في 4 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وأظهرت التجارب السابقة أن الأرقام التي ينشرها «ليفادا»، وهو مركز مستقل يتمتع بصدقية لجهة رصانته، تكون عادةً قريبة من الواقع. وأفاد الاستطلاع بأن «روسيا الموحدة» قد يحصل على نحو 53 في المئة من الأصوات، في مقابل 66 في المئة في الانتخابات السابقة، ما يعني أن الحزب لن ينال ثلثي مقاعد البرلمان، اللذين يتيحان له السيطرة على الغالبية الدستورية التي تسمح بسنّ القوانين وتعديل الدستور، من دون الحاجة الى تحالفات مع أحزاب أخرى. وتشير تلك النسبة الى أن الحزب سينال نحو 253 مقعداً في مجلس الدوما (النواب) من أصل 450، علماً أنه يحتل الآن 315 مقعداً. وأشارت نتائج الاستطلاع إلى تقدم الشيوعيين الذين قد ينالون نحو 20 في المئة من مقاعد البرلمان، فيما حلّ ثالثاً الحزب الليبيرالي الديموقراطي بقيادة القومي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي، بنسبة 12 في المئة، ثم حزب «روسيا العادلة» المغضوب عليه لدى بوتين، بأقل من 9 في المئة. وكان بوتين حض على «بذل جهود كبرى» ليحصل حزب «روسيا الموحدة» على «أكبر نسبة ممكنة» في انتخابات مجلس الدوما، معتبراً أن «ذلك ضروري جداً لنستطيع اتخاذ القرارات الضرورية في الوقت المناسب». ونبّه خلال لقاء مع قيادات الحزب، الى أن الوضع الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تأزم «بسبب فشل القوى السياسية الرئيسة في التوصل الى اتفاق»، معتبراً أن على الحزب الحاكم في روسيا أن «يحصل على الغالبية الدستورية اللازمة، لمنع تكرار الأزمة الأوروبية عندنا». وخاطب بوتين أنصاره، مشدداً على أمله بقدرتهم على «خوض حملة انتخابية فاعلة، واستعراض كلّ ما أُنجز وما يُخطط لإنجازه، وإقناع القسم الأكبر من الناخبين بصحة طريقنا، ما يساعد في نيل العدد اللازم من المقاعد في مجلس الدوما». وتشارك سبعة أحزاب في المنافسة، أبرزها الأربعة الممثلة الآن في المجلس، فيما لم تمنح الاستطلاعات الأحزاب الثلاثة الأخرى أكثر من 1 في المئة لكلّ منها، ما يعني عجزها عن تجاوز حاجز ال7 في المئة الذي يؤهلها لدخول البرلمان. وعزا محللون روس تراجع مواقع الحزب الحاكم، إلى الخيبة التي سادت الأوساط الروسية بعد اعلان نية الثنائي الحاكم في روسيا، بوتين والرئيس ديمتري مدفيديف، تبادل دوريهما خلال انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل. ورجّح كثيرون أن يؤدي ذلك الى عزوف الناخبين عن الاقتراع، لكن خبراء لاحظوا أن ضعف الإقبال قد يصبّ في مصلحة الحزب الحاكم، لأن المتخلفين عن المشاركة هم عادة من أنصار المعارضة. وفي مقابل المخاوف على مواقع «روسيا الموحدة»، بدا بوتين الذي تذمر من أن ظروف عمله «صعبة ومقززة»، واثقاً من فوزه بانتخابات الرئاسة من الدورة الأولى، ومن دون ظهور منافسين جديين، على رغم تراجع شعبيته أيضاً. إذ منحه استطلاع حديث 62 في المئة من الأصوات، في مقابل 75 في المئة كانوا يؤيدونه في الفترة ذاتها من العام الماضي. وأعلن البرلمان الروسي أمس، تحديد الرابع من آذار (مارس) المقبل، موعداً لانتخابات الرئاسة، فيما يُتوقع أن يعلن الحزب الحاكم ترشيح بوتين رسمياً، خلال مؤتمره العام غداً. ويُنتظر أن ينافس بوتين على المنصب، جيرينوفسكي ورئيس الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف.