تغييرات عدة طرأت على مائدة الإفطار الرمضاني للمقيمين، طاولت الأجواء الرمضانية أيضاً، فلم يعد المقيم السوري أو اللبناني أو المصري يجلس على مائدة الإفطار وغيرها من الموائد، إنما صار يلتحق بصفوف العمالة الآسيوية التي تعتمد على «إفطار صائم»، أو تلجأ إلى التعاقد مع المطاعم لغياب زوجات المقيمين وتوجههن إلى بلادهن فترة الصيف، لقضاء أيام الشهر الفضيل بين الأهل والأقارب. لم تعد تشكيلة الإفطار الرمضاني للموظف سامي محمود كما كانت، فهو يجلس ينتظر لحظة الأذان لتناول التمر ووجبة إفطار المطعم، التي غالباً ما تكون «كبسة» أو «مشاوي»، ذاكراً أنه يلجأ إلى المطاعم التي تهتم بالأكلات السورية، واصفاً الفرق بين الأجواء العائلية وأجواء المطاعم بالتناقض العجيب والمفارقة التي يصعب تحملها، مؤكداً أنه عندما سافرت زوجته وأولاده إلى لبنان من أجل قضاء الإجازة الصيفية التي يتخللها رمضان، شعر بالحزن والوحدة، ليس لفراقهم وإنما لفراق الأجواء الرمضانية الحميمية. وذكر موظف المقاولات حجاج محمد أنه يحاول تعويض فراق أسرته في رمضان بتناول الإفطار برفقة أصدقائه الخمسة، ولا تخلو المائدة من العادات الرمضانية المصرية، وبدء الإفطار بالفول والفلافل، فيما يفضل زميله رائد علي الأردني الجنسية البدء بالشوربة وسلطة «الفتوش». وأوضح أنه بعد الانتهاء من الإفطار تقام الصلاة جماعة، ثم توضع المائدة التي تحوي الطبخ الخليجي المعروف، بعده يخرج الجميع لأداء صلاة التراويح، ومن ثم مباشرة الأعمال، وقال رائد إنه يرغب بعض الأيام في تناول وجبة «المنسف»، وهي عبارة عن لحم ولبن، وعدم وجود زوجته جعله يستعين بها عن بعد لإرسال الطريقة، إذ قام بإعدادها عدداً من المرات، بعضها نجح وبعضها فشل، مشيراً إلى أنه لا يهوى الطبخ ولكن رمضان يجبره على ذلك. وذكرت السيدة منى علاء أنها لم تكن تشعر بالغربة في الأعوام الماضية، كون غالبية الأيام تتبادل العزائم مع صديقاتها المغتربات، إلا أن مصادفة رمضان مع الصيف جعل من الصعب تطبيق هذه العادة، كون صديقاتها يسافرن إلى أسرهن ليقضين رمضان في بيت الأسرة، الذي هو أمنية كل مغتربة، مفيدة أنها لا يمكنها ترك زوجها شهراً كاملاً، فتبقى معه في رمضان ليكون السفر في عيد الفطر. وأشارت إلى أنها تستعين دائماً بمواقع الطبخ على «الإنترنت» لتجدد لزوجها لئلا يشعر بالملل من الأكل الذي تعده يومياً، كون هذه المواقع تحوي طبخات من جميع البلدان، ما يعني اختلاف الثقافات والتراث على مائدة واحدة، وهو ما يضفي على المنزل شعوراً بالتغيير، إضافة إلى محاولة الخروج إلى أحد المطاعم مرة أسبوعياً.