قتل امس خمسة متظاهرين يمنيين وجرح أكثر من 30 آخرين برصاص وهراوات مسلحين موالين للنظام اعترضوا تظاهرة نظمتها مجموعات «شباب الثورة» المعتصمين في «ساحة التغيير» قبالة جامعة صنعاء، الامر الذي أثار إدانة الرئيس علي عبدالله صالح الذي طلب من السلطات الأمنية القبض على المسؤولين عن هذا العنف لمحاسبتهم. وكان عشرات الآلاف من الشبان شاركوا في التظاهرة التي توجهت عبر شارع الستين الغربي إلى تقاطع شارع عصر، تعبيراً عن رفضهم لتوقيع اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لإنهاء الأزمة الراهنة، والذي يمنح الرئيس صالح ونظامه حصانة من أي ملاحقات قضائية. وطالب المتظاهرون بتحقيق أهداف «ثورتهم» بإسقاط النظام بكامل رموزه ومحاكمتهم بتهمة قتل وجرح آلاف المتظاهرين السلميين في مختلف المحافظات منذ بدء الاحتجاجات في اليمن قبل نحو 10 أشهر. وكانت ساحات الاعتصام الشبابية في صنعاء وعدد من المحافظات شهدت حالة من الغليان ليل امس، بسبب تباين آراء المجموعات المختلفة بين من يعارض منح الرئيس ورموز نظامه ضمانات بعدم محاكمتهم، ومن يعتقد بأن أحزاب المعارضة التي وقعت المبادرة في الرياض أول من أمس تجاهلت الشباب المعتصمين ومطالبهم وتضحياتهم ولم تتشاور مع مكونات الثورة الشبابية قبل التوصل الى تسوية مع النظام. ويرفض الطرف الأخير رفع الاعتصامات من ساحات المدن الرئيسية او وقف التظاهرات الى حين تحقيق اهدافهم بالكامل، وإقامة الدولة المدنية، بل يدعو الى تصعيد التحركات، في حين لا يمانع الفريق الآخر في التوصل إلى تسوية سياسية تحقن دماء اليمنيين وتجنب البلد الانزلاق إلى الفوضى والحرب الأهلية ما دامت تحقق أهم أهداف الثورة المتمثلة في رحيل الرئيس صالح وتمنح قوى المعارضة دوراً رئيسياً في إحداث عملية التغيير. ويضع تحرك «شباب الثورة» أحزاب المعارضة في وضع حرج بعدما وقّعت على التسوية، خصوصاً انه ليس لديها خطة واضحة للتعاطي معهم او كيفية اشراكهم في العملية السياسية الانتقالية. ودعا «شباب الثورة» الى تظاهرات حاشدة اليوم في مختلف المحافظات للتنديد ببنود المبادرة الخليجية وتوقيعها من قبل احزاب «اللقاء المشترك». وفي تطور لافت، دان الرئيس صالح اعمال العنف ضد المتظاهرين، وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إنه طلب من وزارة الداخلية «التحقيق الفوري والكامل وإحالة مرتكبي هذه الجريمة إلى العدالة من أي طرف كان»، معرباً عن أسفه «لاستمرار القوى والعناصر التي لا تريد الأمن والاستقرار والسلام في الوطن والتي تعمل على إشعال فتيل الحرب وإثارة الفوضى كلما لاحت بارقة أمل في تحقيق الأمن والسلام». وأبدى صالح تطلعه «إلى عدم تكرار ما حدث من أعمال عنف والتحلي بضبط النفس»، معتبراً أن «من يقوم بهذه الأعمال التي تستهدف المواطنين الأبرياء ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار، سواء كان ذلك في العاصمة صنعاء أو أي محافظة أخرى، إنما يريدون جرّ البلاد إلى العنف والفوضى والدمار والتخريب». ودعا «الجميع وفي مقدمهم الأحزاب والتنظيمات السياسية، إلى استشعار مسؤوليتهم الوطنية لما من شأنه إيجاد المناخ الملائم للخروج بالبلاد من آثار الأزمة التي عصفت بها أكثر من عشرة أشهر وتجنيب الوطن المخاطر والمآسي». وشهدت محافظة تعز (260 كم جنوب صنعاء) تظاهرة كبرى أمس شارك فيها عشرات الآلاف تعبيراً عن رفضهم توقيع المبادرة الخليجية. ورفع المتظاهرون الذين قدموا من معظم مديريات المحافظة ومناطقها، شعارات تطالب بمحاكمة قتلة المتظاهرين وإقالة المسؤولين في المحافظة المتسببين في عمليات الاعتداء على المواطنين في المحافظة. «الحوثيون» يرفضون إلى ذلك جدد «الحوثيون» رفضهم المبادرة الخليجية، وقالوا في بيان صدر أمس عن مكتب زعيمهم عبد الملك الحوثي في محافظة صعدة (شمال غرب البلاد)، إن «التسوية السياسية تعيد الشعب الى المربع الأول، وإن أي اتفاق مع النظام خيانةٌ لدماء الشهداء والجرحى، واستخفاف بتضحيات الشعب اليمني وطعنة موجعة للثوار الأحرار الذين تحمّلوا كل أنواع المعاناة والسجن والتعذيب والقتل لأكثر من عشرة أشهر». واعتبر البيان ان «هدف المبادرة الخليجية حماية النظام»، وقال ان احزاب المعارضة «لن تكسب من هذه المبادرة شيئاً» واتهمها بالوقوف «ضد الشعب» مؤكداً «الاستمرار في الثورة حتى النصر». من ناحية ثانية، أطلق مسلحون قبليون في محافظة لحج (جنوب) سراح مواطنة فرنسية من اصل مغربي اختطفت قبل يومين، بعد وساطة قبلية قادها محافظ لحج احمد عبدالله المجيدي وعدد من المشايخ. وقالت مصادر محلية، إن الخاطفين ينتمون إلى جماعات مسلحة تطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، وإنهم اشترطوا إطلاق سراح عدد من المعتقلين في سجون الأمن اليمني ينتمون لما يعرف ب «الحراك الجنوبي» مقابل إطلاق الرهينة الفرنسية ومرافقين يمنيين اثنين. وأضافت أنه تم اطلاق سراح الرهائن بعد وعود من السلطة المحلية ببحث مطالبهم.